نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 234
الجمع بينهما ، حمل حديث النهي على الكراهة ، وحديث الاحتجام على رفع الحظر ، ومن أسقطهما للتعارض ، قال بإباحة الاحتجام للصائم .
وأما القئ ، فإن جمهور الفقهاء على أن من ذرعه القئ ، فليس بمفطر إلا ربيعة ، فإنه قال إنه مفطر .
وجمهورهم أيضا على أن من استقاء ، فقاء ، فإنه مفطر إلا طاووس .
وسبب اختلافهم : ما يتوهم من التعارض بين الاحاديث الواردة في هذه
المسألة ، واختلافهم أيضا في تصحيحها ، وذلك أنه ورد في هذا الباب حديثان :
أحدهما حديث أبي الدرداء أن رسول الله ( ص ) قاء ، فأفطر قال معدان :
فلقيت ثوبان في مسجد دمشق ، فقلت له : إن أبا الدرداء حدثني أن رسول الله (
ص ) قاء ، فأفطر ، قال : صدق أنا صببت له وضوءه وحديث ثوبان هذا صححه
الترمذي والآخر حديث أبي هريرة أخرجه الترمذي ، وأبو داود أيضا أن النبي
عليه الصلاة والسلام قال من ذرعه القئ ، وهو صائم فليس عليه القضاء وإن
استقاء فعليه القضاء وروي موقوفا عن ابن عمر .
فمن لم يصح عنده الاثران كلاهما ، قال : ليس فيه فطر أصلا ، ومن أخذ
بظاهر حديث ثوبان ، ورجحه على حديث أبي هريرة ، أوجب الفطر من القئ بإطلاق
، ولم يفرق بين أن يستقئ ، أو لا يستقئ ، ومن جمع بين الحديثين ، وقال
حديث ثوبان مجمل ، وحديث أبي هريرة مفسر ، والواجب حمل المجمل على المفسر ،
فرق بين القئ ، والاستقاء ، وهو الذي عليه الجمهور .
الركن الثالث : وهو النية
والنظر في النية في مواضع : منها هل هي شرط في صحة هذه العبادة
أم ليست بشرط ؟ وإن كانت شرطا ، فما الذي يجزي من تعيينها ؟ وهل يجب
تجديدها في كل يوم من أيام رمضان ، أم يكفي في ذلك النية الواقعة في اليوم
الاول ؟ وإذا أوقعها المكلف ، فأي وقت إذا وقعت فيه صح الصوم ؟ وإذا لم تقع
فيه بطل الصوم ؟ وهل رفض النية يوجب الفطر ، وإن لم يفطر ؟ وكل هذه
المطالب قد اختلف العلماء فيها .
أما كون النية شرطا في صحة الصيام ، فإنه قول الجمهور وشذ زفر ،
فقال : لا يحتاج رمضان إلى نية ، ألا أن يكون الذي يدركه صيام شهر رمضان
مريضا ، أو مسافرا ، فيريد الصوم .
والسبب في اختلافهم : الاحتمال المتطرق إلى الصوم هل هو عبادة
معقولة المعنى ، أوغير معقولة المعنى ؟ فمنرأى أنها غير معقولة المعنى ،
أوجب النية ، ومن رأى أنها معقولة المعنى قال : قد حصل المعنى ، إذا صام ،
وإن لم ينو ، لكن تخصيص زفر رمضان بذلك من بين أنواع الصوم فيه ضعف ، وكأنه
لما رأى أن أيام رمضان لا يجوز فيها الفطر ، رأى أن كل صوم يقع فيها ينقلب
صوما شرعيا وأن هذا شئ يخص هذه الايام .
وأما اختلافهم في تعيين النية المجزية في ذلك : فإن مالكا قال : لا
بد في ذلك من تعيين صوم رمضان ولا يكفيه اعتقاد الصوم مطلقا ، ولا اعتقاد
صوم معين غير صوم رمضان وقال أبو حنيفة : إن اعتقد
نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 234