نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 184
بين الاختين عبادة محضة غير معقولة المعنى ، فيقوى حينئذ مذهب أبي حنيفة .
وكذلك أجمعوا على أن المطلقة المبتوتة لا تغسل زوجها ، واختلفوا في الرجعية .
فروي عن مالك أنها تغسله ، وبه قال أبو حنيفة ، وأصحابه .
وقال ابن القاسم : لا تغسله ، وإن كان الطلاق رجعيا .
وهو قياس قول مالك ، لانه ليس يجوز عنده أن يراها ، وبه قال الشافعي .
وسبب اختلافهم هو هل يحل للزوج أن ين ر إلى الرجعية أو لا ينظر
إليها ؟ وأما حكم الغاسل فإنهم اختلفوا فيما يجب عليه ، فقال قوم : من غسل
ميتا وجب عليه الغسل ، وقال قوم لا غسل عليه .
وسبب اختلافهم : معارضة حديث أبي هريرة لحديث أسماء ، وذلك أن أبا
هريرة روى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : من غسل ميتا ، فليغتسل
ومن حمله ، فليتوضأ خرجه أبو داود .
وأما حديث أسماء ، فإنه ، لما غسلت أبا بكر رضي الله عنه خرجت ،
فسألت من حضرها من المهاجرين والانصار ، وقالت : إني صائمة ، وإن هذا يوم
شديد البرد ، فهل علي من غسل ؟ قالوا : لا .
وحديث أسماء في هذا صحيح ، وأما حديث أبي هريرة ، فهو عند أكثر أهل
العلم فيما حكى أبو عمر غير صحيح ، لكن حديث أسماء ليس فيه في الحقيقة
معارضة له ، فإن من أنكر الشئ يحتمل أن يكون ذلك ، لانه لم تبلغه السنة في
ذلك الشئ ، وسؤال أسماء - والله أعلم - يدل على الخلاف في ذلك في الصدر
الاول ولهذا كله قال الشافعي رضي الله عنه - على عادته في الاحتياط ،
والالتفات إلى الاثر - : لا غسل على من غسل الميت إلا أن يثبت حديث أبي
هريرة .
الفصل الرابع : في صفة الغسلوفي هذا الفصل مسائل
: إحداها : هل ينزع عن الميت قميصه إذا غسل ؟ أم يغسل في قميصه ؟
اختلفوا في ذلك ، فقال مالك : إذا غسل الميت تنزع ثيابه ، وتستر عورته وبه
قال أبو حنيفة ، وقال الشافعي يغسل في قميصه .
وسبب اختلافهم : تردد غسله عليه الصلاة والسلام في قميصه بين أن
يكون خاصا يحرم من النظر إلى الميت إلا ما يحرم منه ، وهو حي قال : يغسل
عريانا ، إلا عورته فقط التي يحرم النظر إليها في حال الحياة .
ومن رأى أن ذلك سنة يستند إلى باب الاجماع ، أو إلى الامر الالهي ،
لانه روي في الحديث أنهم سمعوا صوتا يقول لهم : لا تنزعوا القميص ، وقد
ألقي عليهم النوم ، قال : الافضل أن يغسل الميت في قميصه .
المسألة الثانية : قال أبو حنيفة : لا يوضأ الميت .
وقال الشافعي يوضأ وقال مالك : إن وضئ فحسن .
وسبب الخلاف في ذلك : معارضة القياس للاثر ، وذلك أن القياس يقتضي
ألا وضوء على الميت ، لان الوضوء طهارة مفروضة لموضع العبادة ، وإذا
نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 184