نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 16
من الرأ س .
وقال أبو حنيفة ، وأصحابه مسحهما فرض كذلك ، إلا أنهما يمسحان مع الرأس بماء واحد .
وقال الشافعي : مسحهما سنة ويجدد لهما الماء ، وقال بهذا القول
جماعة أيضا من أصحاب مالك ، ويتأولون أيضا أنه قوله لما روي عنه أنه قال
حكم مسحهما حكم المضمضة .
وأصل اختلافهم في كون مسحهما سنة ، أو فرضا : اختلافهم في الاثا
الواردة بذلك أعني مسحه عليه الصلاة والسلام أذنيه هل هي زيادة على ما في
الكتا ب من مسح الرأس ، فيكون حكمهما أن يحمل على الندب لمكان التعارض الذي
يتخيل بينها وبين الاية ، إن حملت على الوجوب ، أم هي مبينة للمجمل الذي
في الكتاب فيكون حكمهما حكم الرأس في الوجوب ؟ فمن أوجبهما جعلها مبينة
لمجمل الكتاب ، ومن لم يوجبهماجعلها زائدة كالمضمضة .
والاثار الواردة بذلك كثيرة ، وإن كانت لم تثبت في الصحيحين ، فهي قد اشتهر العمل بها .
وأما اختلافهم في تجديد الماء لهما ، فسببه تردد الاذنين بين أن
يكونا عضوا مفردا بذاته من أعضاء الوضوء ، أو يكونا جزءا من الرأس ، وقد شذ
قوم فذهبوا إلى أنهما يغسلان مع الوجه ، وذهب آخرون إلى أنه يمسح باطنهما
مع الرأس ، ويغسل ظاهرهما مع الوجه ، وذلك لتردد هذا العضو بين أن يكون
جزءا من الوجه أو جزءا من الرأس ، وهذا لا معنى له مع اشتهار الاثار في ذلك
بالمسح ، واشتهار العمل به .
والشافعي يستحب فيهما التكرار كما يستحبه في مسح الرأس .
المسألة العاشرة من الصفات : اتفق العلماء على أن الرجلين من أعضاء
الوضوء ، واختلفوا في نوع طهارتهما ، فقال قوم : طهارتهما الغسل وهم
الجمهور وقال قوم : فرضهما المسح وقال قوم : بل طهارتهما تجوز بالنوعين :
الغسل والمسح ، وإن ذلك راجع إلى اختيار المكلف .
وسبب اختلافهم : القراءتان المشهورتان في آية الوضوء : أعني قراءة
من قرأ وأرجلكم بالنصب عطفا على المغسول وقراءة من قرأ وأرجلكم بالخفض عطفا
على فض ظاهرة في المسح كظهور تلك في الغسل ، فمن ذهب إلى أن فرضهما واحد
من هاتين الطهارتين على التعيين ، إما الغسل ، وإما المسح : ذهب إلى ترجيح
ظاهر إحدى القراءتين على القراءة الثانية ، وصرف بالتأويل ظاهر القراءة
الثانية إلى معنى ظاهر القراءة التي ترجحت عنده .
ومن اعتقد أن دلالة كل واحدة من القراءتين على ظاهرها على السواء ،
وأنه ليست إحداهما على ظاهرها أدل من الثانية على ظاهرها أيضا ، جعل ذلك من
الواجب المخير ككفارة اليمين وغير ذلك .
وبه قال الطبري وداود .
وللجمهور تأويلات في قراءة الخفض ، أجودها أن ذلك عطف على اللفظ لا على المعنى ، إذ كان ذلك موجودا في كلام العرب مثل قول الشاعر :
نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 16