نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 124
قياما وإن النبي عليه الصلاة والسلام كان جالسا ، فوجب أن يكون
هذا من فعله عليه الصلاة والسلام ، إذ كان آخر فعله ناسخا لقوله وفعله
المتقدم .
وأما من ذهب مذهب الترجيح ، فإنهم رجحوا حديث أنس بأن قالوا : إن
هذا الحديث قد اضطربت الرواية عن عائشة فيه فيمن كان الامام هل رسول الله (
ص ) أو أبو بكر ؟ وأما مالك فليس له مستند من السماع ، لان كلا الحديثين
اتفقا على جواز إمامة القاعد ، وإنما اختلفا في قيام المأموم أو قعوده حتى
إنه لقد قال أبو محمد بن حزم إنه ليس في حديث عائشة أن الناس صلوا ، لا
قياما ، ولا قعودا ، وليس يجب أن يترك المنصوص عليه لشئ لم ينص عليه .
قال أبو عمر : وقد ذكر أبو المصعب في مختصره عن مالك أنه قال : لا
يؤم الناس أحد قاعدا ، فإن أمهم قاعدا فسدت صلاتهم وصلاته ، لان النبي ( ص )
قال : لا يؤمن بعدي قاعدا .
قال أبو عمر : وهذا حديث لا يصح عند أهل العلم بالحديث لانه يرويه
جابر الجعفي مرسلا ، وليس بحجة فيما أسند ، فكيف فيما أرسل ؟ وقد روى ابن
القاسم عن مالك أنه كان يحتج بمارواه ربيعة بن أبي عبد الرحمن : أن رسول
الله ( ص ) خرج وهو مريض ، فكان أبو بكر هو الامام ، وكان رسول الله ( ص )
يصلي بصلاة أبي بكر ، وقال : ما مات نبي حتى يؤمه رجل من أمته .
وهذا ليس فيه حجة إلا أن يتوهم أنه ائتم بأبي بكر لانه لا تجوزصلاة
الامام القاعد ، وهذا ظن لا يجب أن يترك له النص مع ضعف هذا الحديث .
الفصل الخامس : في صفة الاتباع
وفيه مسألتان : إحداهما : في وقت تكبيرة الاحرام للمأموم ، والثانية : في حكم من رفع رأسه قبل الامام .
أما اختلافهم في وقت تكبيرة المأموم ، فإن مالكا استحسن أن يكبر بعد
فراغ الامام من تكبيرة الاحرام ، قال : وإن كبر معه ، أجزأه ، وقد قيل إنه
لا يجزئه ، وأما إن كبر قبله ، فلا يجزئه .
وقال أبو حنيفة وغيره : يكبر مع تكبيرة الامام ، فإن فرغ قبله ، لم يجزه .
وأما الشافعي فعنه في ذلك روايتان : إحداهما مثل قول مالك ، وهو الاشهر ، والثانية أن المأموم إن كبر قبل الامام أجزأه .
وسبب الخلاف : أن في ذلك حديثين متعارضين : أحدهما : قوله عليه
الصلاة والسلام : فإذا كبر ، فكبروا ، والثاني : ما روي : أنه عليه الصلاة
والسلام كبر في صلاة من الصلوات ، ثم أشار إليهم أن امكثوا ، فذهب ثم رجع ،
وعلى رأسه أثر الماء فظاهر هذا أن تكبيره وقع بعد تكبيرهم ، لانه لم يكن
له تكبير أولا لمكان عدم الطهارة ، وهو أيضا مبني على أصله في أن صلاة
المأموم غير مرتبطة بصلاة الامام ، نفوه ، فليس ينبغي أن يحمل على أحدهما
إلا بتوقيف والاصل هو الاتباع ، وذلك لا يكون إلا بعد أن يتقدم الامام ،
إما بالتكبير وإما بافتتاحه .
وأما من رفع رأسه قبل الامام ، فإن الجمهور يرون أنه أساء ، ولكن صلاته جائزة ، وأنه يجب عليه أن يرجع ، فيتبع الامام
نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 124