نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 12
يدخلها الاناء ، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده .
وفي بعض رواياته : فليغسلها ثلاثا .
فمن لم ير بين الزيادة الواردة في هذا الحديث على ما في آية الوضوء
معارضة ، وبين آية الوضوء ، حمل لفظ الامر ها ههنا على ظاهره من الوجوب ،
وجعل ذلك فرضا من فروض الوضوء ، ومن فهم من هؤلاء من لفظ البيات نوم الليل ،
أوجب ذلك من نوم الليل فقط ، ومن لم يفهم منه ذلك ، وإنما فهم منه النوم
فقط أوجب ذلك على كل مستيقظ من النوم نهارا أو ليلا ، ومن رأى أن بين هذه
الزيادة والاية تعارضا ، إذ كان ظاهر الاية المقصود منه حصر فروض الوضوء ،
كان وجه الجمع بينهما عنده أن يخرج لفظ الامر عن ظاهره الذي هو الوجوب إلى
الندب ، ومن تأكد عنده هذا الندب لمثابرته عليه الصلاة والسلام على ذلك ،
قال : إنه من جنس السنن ، ومن لم يتأكد عنده هذا الندب ، قال : إن ذلك من
جنس المندوب المستحب وهؤلاء غسل اليد عندهم بهذه الحال إذا تيقنت طهارتها :
أعني من يقول إن ذلك سنة من يقول إنه ندب .
ومن لم يفهم من هؤلاء من هذا الحديث علة توجب عنده أن يكومن باب
الخاص أريد به العام ، كان ذلك عنده مندوبا للمستيقظ من النوم فقط ، ومن
فهم منه علة الشك ، وجعله من باب الخاص أريد به العام ، كان ذلك عند للشاك ،
لانه في معنى النائم .
والظاهر من هذا الحديث أنه لم يقصد به حكم البدء فيالوضوء ، وإنما
قصد به حكم الماء الذي يتوضأ به إذا كان الماء مشترطا فيه الطهارة ، أما من
نقل من غسله ( ص ) يديه قبل إدخالهما في الاناء في أكثر أحيانه ، فيحتمل
أن يكون من حكم اليد على أن يكون غسلها في الابتداء من أفعال الوضوء ،
ويحتمل أن يكون من حكم الماء ، أعني أن لا ينجس أو يقع فيه شك إن قلنا إن
الشك مؤثر .
المسألة الثالثة من الاركان : اختلفوا في المضمضة والاستنشاق في
الوضوء على ثلاثة أقوال : قول إنهما سنتان في الوضوء ، وهو قول مالك ،
والشافعي ، وأبي حنيفة وقول إنهما فرض فيه ، وبه قال ابن أبي ليلى وجماعة
من أصحاب داود ، وقول إن الاستنشاق فرض ، والمضمضة سنة ، وبه قال أبو ثور ،
وأبو عبيدة وجماعة من أهل الظاهر .
وسبب اختلافهم في كونها فرضا ، أو سنة اختلافهم في السنن الواردة في
ذلك ، هل هي زيادة تقتضي معارضة آية الوضوء ، أو لا تقتضي ذلك ، فمن رأى
أن هذه الزيادة إن حملت على الوجوب ، اقتضت معارضة الاية ، إذ المقصود من
الاية تأصيه هذا الحكم ، وتبيينه ، أخرجها من باب الوجوب إلى باب الندب ،
ومن لم ير أنها تقتضي معارضة ، حملها على الظاهر من الوجوب ، ومن استوت
عنده هذه الاقوال ، والافعال في حملها على الوجوب لم يفرق بين المضمضة ،
والاستنشاق ، ومن كان عنده القول محمولا على الوجوب ، والفعل محمولا على
الندب فرق بين المضمضة والاستنشاق ، وذلك أن المضمضة نقلت من فعله عليه
الصلاة والسلام ، ولم تنقل من أمره ، وأما الاستنشاق فمن أمره عليه الصلاة
والسلام
نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 12