إنما عني به ظاهره لكان في الأمة كثير يعلم ذلك ، ولا يخطر فيه
جزما ، ولم يكن عليه السلام ليقول من ذلك على رؤوس الأشهاد ما يعلم أنه لا
يصح من قوله وإن غيره يسألونه فيه أو يدعي على شئ منه معه .
وإذا ثبت أنه لا نظير له في العلم صح أنه أولى بالإمامة ، لقبح تقديم المفضول على الفاضل .
ومن عجيب أمره في هذا الباب أنه لا شئ من العلوم إلا وأهله يجعلون عليا قدوة فيه ، فصار قوله قبلة في الشريعة [1] .
فمن ذلك جمع القرآن العظيم : روى جدي في نخبه قال : قال ابن عباس :
فجمع الله القرآن في قلب علي ، وجمعه علي بعد موت رسول الله صلى الله عليه
وآله بستة أشهر [2] .
وفي أخبار أهل البيت عليهم السلام : إن عليا آلى على نفسه ألا يضع رداءه على عاتقه إلا لصلاة حتى يؤلف الكتاب العزيز ويجمعه [3] .
ومن ذلك العلم بالقرآن : والقراء السبعة إلى قراءته يرجعون : فأما
حمزة والكسائي فيعولان على قراءة علي عليه السلام ، وأما ابن مسعود قال :
ما رأيت أحدا أقرأ من علي .
وأما نافع وابن كثير وأبو عمرو فمعظم قراءتهم يرجعون فيها إلى ابن عباس وابن عباس قرأ على
[1]أنظر طرفا من الكلام حول هذا الموضوع في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 17 - 30 .
وهذه القطعة إلى آخر الفصل أكثرها مأخوذ من المناقب لابن شهر اشوب .