في استيفاء حكمة الله فيما صنعه وذرأه لتعمر الآخرة أن يكون فيما
بين البشر رسوم وأحكام يجرون على قضاياها فتنسد [1] أبواب الفتن ، إذا
الرسوم التي هي .
البرهان الرابع : لما كان نوع البشر لا استطاعة له في قبول كل
الحكمة دفعة واحدة ، فكان غير ممكن أن يبقى رسول الله ( صلعم ) فيما بينهم
فيعلمهم يوما بيوم ما ينزله الله تعالى من الحكم ، ولا في استطاعة من يقوم
مقام الرسول ويسد مسده في التعليم أن يعلم من غير قانون يرجع إليه في
التعليم الحكمة ، وجب أن يكون بين الامةقانون للحكمة [2] موضوعا يكون
مرجع القائم مقام الرسول إليه في تعليم ، والقانون هي الكتب ، والشرائع ،
والرسوم ، والوضائع .
إذا الرسوم التي هي الشرائع واجبة .
البرهان الخامس : لما كان الفيض من عالم القدس لا ينقطع عن المؤيدين
خصوصا ، وكان شيئا روحانيا ليس في استطاعة البشر نيله إلا من كانت نفسه
متهيئة للقبول .
وكان الذي يناله برفيع جده إذا لم يقيد تلك الحكم والمعارف التي
لاحت في نفسه المؤيدة من فيض عالم القدس بما يكون محسوسا لائقا به من
الحروف والوضائع ، فيكون للبشرية وصلة إليها كما فعل الباري تعالى بلطيف
صنعه من إبداع الاطعمة اللذيذة الروحانية اللطيفة الممتنعة عن الدرك إلا من
جهة الاجسام التي تحفظها الاجسام المحسوسة ، فعقدها بها ليصل البشر بها
لئلا تبطل الحكمة في الافاضة ببطلان الانتفاع بها ، وجب أن يكون الفيض الذي
هو الحكم