حنيفة رحمهما الله تعالى قال سئل عمن له مال أيحج به أم يتزوج
قال بل يحج به فذلك دليل على أن الوجوب عنده على الفور وعن محمد رحمه الله
تعالى يسعه التأخير بشرط أن لا يفوته بالموت فان أخر حتى مات فهو آثم
بالتأخير وعند الشافعي رحمه الله تعالى لا يأثم بالتأخير وان مات واستدل
محمد بتأخير رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج بعد نزول فرضيته فانها نزلت
فرضية الحج في سنة ست من الهجرة وحج رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة
عشر والمعنى فيه أن الحج فرض العمر فكان جميع العمر وقت أدائه ولا يستغرق
جميع العمر اداؤه فصار جميع الوقت في حق الحج كجميع وقت الصلاة في حق
الصلاة وهناك التأخير يسعه بشرط أن لا يفوته عن وقته ودليل صحة هذا الكلام
انه إذا أخره كان مؤديا لا قاضيا فدل أن جميع العمر وقت ادائه وأبو حنيفة
وأبو يوسف رحمهما الله تعالى استدلا بقوله صلى الله عليه وسلم من وجد زادا
وراحلة يبلغانه بيت الله تعالى ولم يحج عليه فلا أن يموت يهوديا أو نصرانيا
الحديث وقال عمر رضى الله عنه لقد هممت ان أنظر إلى من ملك الزاد والراحلة
ولم يحج فأحرق عليهم بيوتهم والله ما أراهم مسلمين قالها ثلاثا والمعنى
فيه أن السنة الاولى بعد ما تمت الاستطاعة متعينة لاداء الحج بعد دخول وقت
الحج فالتأخير عنه يكون تفويتا كتأخير الصوم عن شهر رمضان وتأخير الصلاة عن
وقتها بيانه وهو أن يمضى هذا الوقت يعجز عن الاداء بيقين وقدرته على
الاداء بمجئ أشهر الحج من السنة الثانية موهوم فربما لا يعيش إليها
وبالموهوم لا تثبت القدرة فبقى مضى هذا الوقت تفويتا له توضيحه أن وقت أداء
أشهر الحج من عمره لا من جميع الدنيا وهذه السنة متعينة لذلك لان عدم
التعيين لاعتبار المعارضة ولا تتحقق المعارضة الا أن يتيقن بحياته إلى
السنة الثانية ولاطريق لاحد إلى معرفة ذلك ولهذا قلنا لو أخره كان مؤديا
لانه لما بقى إلى السنة الثانية تحققت المعارضة فخرجت السنة الاولى من أن
تكون متعينة وكانت هذه السنة في حقه تعد لما أدركها بمنزلة السنة الاولى
فأما تأخير النبي صلى الله عليه وسلم فقد منع ذلك بعض مشايخنا رحمهم الله
تعالى فقالوا نزول فريضة الحج بقوله تعالى ولله عليه الناس حج البيت وانما
نزلت هذه الآية في سنة عشر فأما النازل سنة ست فقوله تعالى وأتموا الحج
والعمرة لله وهذا أمر بالاتمام لمن شرع فيه فلا يثبت به ابتداء الفرضية مع
أن التأخير انما لا يحل لما فيه من من التعريض للفوت ورسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يأمن من ذلك لانه مبعوث لبيان