لذكر الارث بعد الوصية المعرفة لان تلك وصية معهودة وهذا قول
الشافعي أيضا بناء على مذهبه أنه لا يجوز نسخ الكتاب بالسنة والرزاي كان لا
يجوز نسخ الكتاب الا بالخبر المتواتر وأكثر مشايخنا رحمهم الله يقولون
انما انتسخ هذا الحكم بقوله عليه السلام ان الله أعطى كل ذي حق حقه ألا لا
وصية لوارث وهذا حديث مشهور تلقته العلماء بالقبول والعمل به ونسخ الكتاب
جائز بمثله عندنا لان ما تلقته العلماء بالقبول والعمل به كالمسموع من رسول
الله صلى الله عليه وسلم ولو سمعناه يقول لا تعملوا بهذه الاية فان حكمها
منسوخ لم يجز العمل بها ولاجل شهرة هذا الحديث بدأ الكتاب به ورواه عن أبي
قلابة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا وصية لوارث وفي بعض الرواية
قال الا أن يجيزه الورثة وفي هذه الزيادة بيان ان المراد نفى الجواز لا نفي
التحقيق ومن ضرورة نفي الجواز نفي الفرضية والوجوب والحديث مرسل بالطريق
الذي رواه ولكن المراسيل حجة عندنا كالمسانيد أو أقوى من المسانيد لان
الراوي إذا سمع الحديث من واحد لا يشق عليه حفظ اسمه فيرويه مسندا وإذا
سمعه من جماعة يشق عليه حفظ الرواية فيرسل الحديث فكان الارسال من الراوي
المعروف دليل شهرة الحديث فاما الحديث الذي رواه فهو شاذ فيما تعم به
البلوى والوجوب لا يثبت بمثله ثم هو محمول على ما كان ابتداء قبل نزول آية
المواريث أو المراد أن ذلك لا يليق بطريق الاحتياط والاخذ بمكارم الاخلاق
لقوله عليه السلام لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الاخر ان يبيت شبعانا
وجاره طاو إلى جنبه والمراد ما بينا ثم الوصية تتقدر بقدر الثلث من المال
وهي مأخوذة من الدين لحديث رضى الله عنه قال انكم تقرؤن الوصية قبل الدين
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدأ بالدين قبل الوصية وهكذا نقل عن
أبن عباس رضى الله عنهما فهذامنهما اشارة إلى معنى التقديم والتأخير في
الاية ثم قضاء الدين من أصول حوائج المرء لانه تفرغ به ذمته والوصية ليست
من أصول حوائجه وحاجته مقدمة في تركته ( ألا ترى ) انه يقدم جهازه وكفنه
لحاجته إلى ذلك فكذلك قضاء الدين ثم زعم بعض أصحابنا أن الوصية بعد الدين
تقدم على الميراث لظاهر الاية وأكثرهم قالوا التقديم لا يظهر في الوصية بل
الوارث يستحق الثلثين ارثا في الوقت الذي يستحق الموصى له الثلث بالوصية
والمراد من الاية تقديم الوصية على الميراث في الثلث لانه محل للارث إذا لم
يوص فيه بشئ فإذا أقضى كانت الوصية في الثلث مقدمة على الميراث والدليل
على أن محل الوصية النافذة شرعا ثلث