النصف قصاصا فان كان قتل بعد عفو أخيه أو صلح وبعد ما علم بان
الدم قد حرم عليه فعليه القصاص لانتفاء الشبهة وله نصف الدية في مال القاتل
لان نصيبه كان انقلب مالا لو مات القاتل فيستوفى من تركته فكذلك إذا قتله
والله أعلم
( باب رجوع الشهود عن القتل )
( قال رحمه الله ) وإذا شهد شاهدان على رجل بقتل عمدا وقبلت
شهادتهما ثم رجعا فعليهماالدية في مالهما في قول علمائنا رحمهم الله وقال
الشافعي عليهما القصاص وكذلك إذا رجع أحدهما واحتج الشافعي بحديث على رضى
الله عنه حيث قال لشاهدي السرقة حين رجعا لو علمت أنكما تعمدتما لقطعت
أيديكما والمعنى فيه أنهما باشرا قتلا بغير حق لانهما الجآ القاضي إلى
القضاء بالتقل فانه يخاف العقوبة إذا امتنع من ذلك والملجئ مباشر حكما في
وجوب القود عليه كالمكره والدليل عليه أن الدية تجب مغلظة في مالهما عندكم
وذلك لا يكون الا بمباشرة القتل
وحجتنا في ذلك أن الشاهد سبب للقتل والسبب لا يوجب القصاص كحفر
البئر وهذا لانه يعتبر في القصاص المساواة ولا مساواة بين السبب والمباشرة .
وبيان الوصف أن المباشر هو الولى وهو طائع مختار في هذه المباشرة
فعرفنا أن الشاهد غير مباشر حقيقة ولا حكما ولا معنى لما ذكره من الالجاء
لان القاضى انما يخاف العقوبة في الآخرة وبه لا يصير ملجأ إلى ذلك بل هو
مندوب إلى العفو شرعا ولا نسلم ان الدية تجب مغلظة على الشهود فكل واحد
يقيم الطاعة خوفا من العقوبة على تركها ولا يصير به مكرها ثم ان وجد هذا
الالجاء في حق القاضى فبمجرد القضاء ما صار المقضى عليه مقتولا وانما صار
مقتولا باستيفاء الولى وهو غير ملجأ إلى ذلك بل هو مندوب إلى العفو شرعا
ولا يسلم أن الدية تجب مغلظة علي الشهود بل انما تجب مخففة بمنزلة الواجب
على حافر البئر الا انها تجب على الحافر البئر في ماله لانها وجبت باقراره
واقراره غير مقبول في حق العاقلة ولم يثبت لهم ان الشاهد مباشر حكما فقد
بينا ان المباشر حقيقة هاهنا لا يلزمه القصاص وهو الولي لشبهة قضاء القاضي
فالمباشر حكما أولي أن لا يلزمه شئ من ذلك وانما قال على رضى الله عنه ذلك
على سبيل التهديد فقد صح من مذهب على ان اليدين لا يقطعان بيد واحدة وقد
تقدم بيان هذا في كتاب الرجوع فإذا لم يجب القود عليهما كان عليهما الدية
ان رجعا وان رجع أحدهما فعليه نصف الدية لان