وبلغنا عن علي رضى الله عنه أنه ألقي ما أضاب من عسكر أهل
النهروان في الرحبة فمن عرف شيئا أخذه حتى كان آخر من عرف شيئا لانسان قدر
حديد فأخذها ولما قيل لعلى رضى الله عنه يوم الجمل الا تقسم بيننا ما أفاء
الله علينا قال فمن يأخذ منكم عائشة وانما قال ذلك استبعادا لكلامهم
واظهارا لخطأهم فيما طلبوا وإذا أخذت المرأة من أهل البغي فان كانت تقاتل
حبست حتى لا يبقى منهم أحد ولا تقتل لان المرأة لا تقتل على ردتها فكيف
تقتل إذا كانت باغية وفى حال اشتغالها بالقتال انما جاز قتلها دفعا وقد
اندفع ذلك حين أسرت كالولد يقتل والده دفعا إذا قصده وليس له ذلك بعدما
اندفع قصده ولكنها تحبس لارتكابها المعصية ويمنعها من الشر والفتنة وإذا
أخذ رجل حر أو عبد كان يقاتل وكانعسكر أهل البغى على حاله قتل لانه ممن
يقاتل عبدا كان أو حرا وقد بينا جواز قتل الاسير إذا بقيت له فئة وان كان
عبدا يخدم مولاه ولم يقاتل حبس حتى لا يبقي من أهل البغى أحد ولم يقتل لانه
ما كان مقاتلا والقتل في حق أهل البغى للدفع فمن لم يقاتل ولم يعزم على
ذلك لا يقتل ولكنه مال الباغي وقد بينا أنه يوقف حتى لا يبقي أحد منهم
وانما يوقف العبد بحبسه لكيلا يهرب فيعود إلى مولاه وما أصاب المسلمون منهم
من كراع أو سلاح وليس لهم إليه حاجة قال اما الكراع فيباع ويحبس الثمن
لانه يحتاج إلى النفقة فلا ينفق عليه الامام من بيت المال لما فيه من
الاحسان إلى صاحبه الباغي ولان حبس الثمن أهون عليه من حبس الكراع فلهذا
يبيعه ويحبس ثمنه حتى يتفرق جمعهم فيرد ذلك على صاحبه وأما السلاح فيمسكه
ليرده على صاحبه إذا وضعت الحرب أو زارها وهذا لان في الرد في الحال اعانة
لهم على أهل العدل وذلك لا يجوز فلهذا يوقف لتفرق الجمع فان طلب أهل البغي
الموادعة أجيبوا إليها ان كان خيرا للمسلمين لما بينا أنهم قد يحتاجون إلى
الموادعة لحفظ قوة أنفسهم إذا لم يقووا على قتالهم وكما يجوز ذلك في حق
المرتدين يجوز في حق أهل البغى ولم يؤخذ منهم عليها شئ لانهم مسلمون
ولايجوز أخذه الجزية من المسلمين وقد بينا مثله في حق المرتدين الا ان هناك
إذا أخذوا ملكوا لانهم بعدما صاروا أهل حرب تغنم أموالهم وههنا ان أخذوا
لا يملكون لان أموال الخوارج لاتغنم بحال وإذا تاب أهل البغي ودخلوا إلى
أهل العدل لم يؤخذوا بشئ مما أصابوا يعني بضمان ما أتلفوا من النفوس
والاموال ومراده إذا أصابوا ذلك بعد ما تجمعوا وصاروا أهل منعة فاما ما
أصابوا قبل ذلك فهم ضامنون لذلك لانا أمرنا