ولنا أن التكليم فعل يتعدى إلى المكلم وقد قيل إنه مأخوذ من
الكلم وهو الجرح لانه يؤثر فيه كتأثير الجرح ولا يكون ذلك الا باسماعه فأما
تكليم النبي صلى الله عليه وسلم الموتى فمن معجزاته فانه قال " ما أنتم
باسمع لما أقول منهم " ولم يثبت هذا لغيره وقول اصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها حجة لنا فانهم قالوا ذلك استعبادا
وسؤالا عما خفي عنهم سببه وحكمته حتى كشف لهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك
بامر مختص به فيبقى الامر فيمن سواه على النفي وان سلمت عليه حنث لانه
كلام فان كان أحدهما اماماوالآخر مأموما لم يحنث بتسليم الصلاة لانه للخروج
منها الا أن ينوي بتسليمه المأمومين فيكون حكمه كما لو سلم عليهم في غير
الصلاة ، ويحتمل أن لا يحنث بحال لان هذا لا يعد تكليما ولا يريده الحالف
( فصل ) فان حلف لا يكلم انسانا فكلم غيره وهو يسمع يقصد بذلك اسماعه كما
لو قال إياك اعني واسمعي باجارة حنث نص عليه أحمد فقال إذا حلف لا يكلم
فلانا فكلم انسانا وهو يسمع يريد بكلامه اياه المحلوف عليه حنث لانه قد
أراد تكليمه ، وروي عن أبي بكرة ما يدل على أنه لا يحنث فانه حلف أن لا
يكلم أخاه زيادا فاراد زياد الحج فجاء أبو بكرة فدخل قصره وأخذ ابنه في
حجره فقال ان أباك يريد الحج والدخول على زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم
بهذا السبب وقد علم أنه غير صحيح ثم خرج ولم ير أنه كلمه والاول أصح لانه
أسمعه كلامه يريده به فأشبه ما لو خاطبه به ولان مقصود تكليمه قد حصل
باسماعه كلامه