( فصل ) قال أحمد لا يعجبني أن يكفن في شئ من الحرير ، وكره ذلك
الحسن وابن المبارك وإسحق قال ابن المنذر : ولا أحفظ عن غيرهم خلافهم ، وفي
جواز تكفين المرأة بالحرير احتمالان : أحدهما الجواز وهو أقيس لانه من
لبسها في حياتها ، والثاني المنع لانها انما تلبسه في حياتها لانها محل
للزينة والشهوة وقد زال ذلك ، وعلى كل حال فهو مكروه ، وكذلك يكره تكفينها
بالمعصفر ونحوه لما ذكرنا قال الاوزاعي : لا تكفين في الثياب المصبغة إلا
ما كان من العصب يعني ما صنع بالعصب وهو بنت باليمن ( فصل ) وان أحب أهل
الميت أن يروه لم يمنعوا لما روى جابر قال : لما قتل أبي جعلت أكشف الثوب
عن وجهه وأبكي والنبي صلى الله عليه وسلم لا ينهاني ، وقالت عائشة رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل عثمان بن مظعون وهو ميت حتى رأيت الدموع
تسيل : والحديثان صحيحان
( مسألة )
( والواجب من ذلك ثوب يستر جميعه لما روت أم عطية قالت : لما فرغنا
يعني من غسلابنة النبي صلى الله عليه وسلم ألقى الينا حقوه فقال " اشعرنها
اياه " ولم يزد على ذلك رواه البخاري ، وقال معنى اشعرنها الففنها فيه ولان
العورة المغلظة يجزي في سترها ثوب واحد فكفن الميت أولى ، وهذا وجه لاصحاب
الشافعي ، وظاهر مذهبهم ان الواجب ما يستر العورة كالحي : وقال القاضي لا
يجزي للقادر أقل من ثلاثة أثواب ، وروي نحوه عن عائشة .
قال : لانه لو أجزأ أقل منها لم يجز التكفين بها في حق من له أيتام
احتياطا لهم والصحيح الاول ، وما احتج به القاضي لا يصح لانه يجوز التكفين
بالحسن مع حصول الاجزاء بما دونه ( فصل ) فان لم يجد ثوبا يستر جميعه ستر
رأسه وجعل على رجليه حشيش أو ورق كما روي عن مصعب انه قتل يوم أحد فلم يوجد
له شئ يكفن فيه إلا نمرة ، فكات إذا وضعت على رأسه بدت رجلاه وإذا وضعت
على رجليه خرج رأسه فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يغطى رأسه ويجعل على
رجليه الاذخر رواه البخاري ، فان لم يجد الا ما يستر العورة سترها كحال
الحياة ، فان كثر القتلى وقلت الاكفان كفن الرجل والرجلان والثلاثة في
الثوب الواحد ، قال أنس : كثر القتلى وقلت الثياب يعني يوم أحد قال : فكفن
الرجل والرجلان والثلاثة في الثوب الواحد ثم يدفنون في قبر واحد رواه أبو
داود والترمذي وهذا لفظه وقال حديث حسن غريب