قال ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة : دخلت على علي بن
الفارقي مدرس المدرسة الغربية ببغداد ، فقلت له : أكانت فاطمة صادقة ؟ قال :
نعم ، قلت : فلم لا يدفع إليها أبو بكر فدك وهي عنده صادقة ؟ فتبسم ، ثم
قال كلاما لطيفا مستحسنا مع ناموسه وتذممه [1] وقلة دعابته ، قال : لو
أعطاها اليوم فدك بمجرد دعواها ، لجاءت إليه غدا وادعت لزوجها الخلافة ،
وزحزحته عن مقامه ، ولم يمكنه الاعتذار والمدافعة [2] بشئ ، لأنه يكون قد
أسجل على نفسه أنها صادقة فيما تدعي كائنا ما كان من غير حاجة الى بينة
وشهود ، هذا كلام صحيح وان كان أخرجه مخرج الدعابة والهزل [3] .
انظر أيها اللبيب الى هذين الرجلين كيف أنطقهما الله بالحق ، وشهدا
بظلم امامهما تسخيرا من الله سبحانه ، ولا يخفى أن غصب الشيخين حق فاطمة
عليها السلام وايذائهما لها في منع الأرث ، واحضار النار لاحراق الدار
عليها وعلى من فيها - على ما بيناه في الفاتحة - دليل صريح وبرهان واضح على
استحقاقهما اللعن والعذاب .
لأنه في البخاري : من أغضبها فقد أغضبني [4] ، وفي مسلم : يريبني
مارابها ويؤذيني ما آذاها [5] ورووا جميعا أنه عليه السلام قال : ان الله
يغضب لغضبها وما في معناها من الأحاديث [6] ، وقد تقدم في الدليل السادس
والعشرين ، وقد قال الله