ووجه الدلالة : أن هذه الايات تدل على أن لله تعالى دينا قيما لا
اختلاف فيه ، وطريقا مستقيما لا عوج لها ، ويجب علينا اتباعه ، وهذا لا
يمكن الا بنصب امام معصوم حافظ لجميع مسائل الدين ، مرشدا الى سبيل اليقين .
وعلى مذهب المخالفين للامامية القائلين بأن الامامة بالاختيار ليس
لله صراط مستقيم يجب علينا اتباعه ، لأن مفسريهم ورواتهم مختلفون في الكتاب
والسنة ، والدين عندهم ما اقتضى آراء مجتهديهم ، فالحلال ما حللوه ،
والحرام ما حرموه .
لأن المخالفين في أحكام الله على قولين : فمنهم من قال : ان الله
تعالى ليس له حكم على التعيين ، بل الأحكام تابعة لاراء المجتهدين ، وكل
مجتهد مصيب فيما رآه .
ومنهم من قال : ان لله تعالى في كل واقعة حكما معينا ، ولكن لم ينصب
على أكثر الأحكام أدلة ، بل المجتهدين يعمل بالامارات ، فان أصاب فله
أجران ، وان أخطأ فله أجر واحد .
وقد ترتب على فتح باب الاجتهاد مفاسد عظيمة ، من الحروب ، والقتال ،
ونهب الأموال ، وقد أفتى مجتهدوهم خصوصا أبو حنيفة بما هتكوا به حرمة
الاسلام وأهله ، وسيجئ ان شاء الله في الخاتمة بعض فتاويهم الشنيعة .