قال : قد روى كثير من المحدثين عن علي عليه السلام أن رسول الله
صلى الله عليه وآله قال له : ان الله قد كتب عليك جهاد المفتونين ، ثم ذكر
كلاما طويلا ، الى قوله فقلت : يا رسول الله لو بينت لي قليلا ، فقال : ان
امتي ستفتن من بعدي ، فتتأول القرآن ، وتعمل بالرأي ، وتستحل الخمر بالنبيذ
، والسحت بالهدية ، والربا بالبيع ، وتحرف الكتاب عنمواضعه ، وتغلب كلمة
الضلال ، فكن جليس بيتك حتى تقلدها ، فإذا قلدتها جاشت عليك الصدور ، وقلبت
لك الامور ، تقاتل حينئذ على تأويل القرآن ، كما قاتلت على تنزيله ،
الحديث [1] .
علة عدم مبايعة القوم لعلي عليه السلام بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله
أقول : قد تبين بما قدمناه بطلان الاجماع على خلافة أبي بكر ،
فما بقي في المقام الا التعجب والاستبعاد في اتفاق أكثر الصحابة على بيعة
أبي بكر ، وترك النص الجلي على خلافة علي عليه السلام المستلزم للنفاق
والارتداد .
ومما يرفع هذا التعجب ما نقله سيدنا المرتضى رحمه الله عن أبي جعفر
بن قبة في كتابه المعروف بالانصاف ما حاصله : ان الناس بعد رسول الله صلى
الله عليه وآله لم يكونوا بأسرهم دافعين للنص وعاملين بخلافه ، مع علمهم
الضروري به ، وانما بادر قوم من الأنصار لما قبض الرسول صلى الله عليه وآله
الى طلب الامامة ، واختلف كلام رؤسائهم بينهم ، واتصلت حالهم بجماعة من
المهاجرين ، فقصدوا السقيفة عامدين الى ازالة الأمر عن مستحقه والاستبداد
به ، وكان الداعي لهم الى ذلك والحامل لهم عليه رغبتهم في عاجل الرئاسة ،
والتمكن من الحل والعقد .
وانضاف الى هذا الداعي ما كان في نفس جماعة منهم من الحسد لأمير
المؤمنين عليه السلام ، لتقدمه واختصاصه بالفضائل الباهرة والمناقب الظاهرة
، والعداوة