نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 399
الفصل الخامس و الأربعون فيه ذكر التزويج و تركه أيهما أفضل و مختصر أحكام
النساء في ذلك
قال سبحانه و تعالى: وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ [النور: 32] الآية.
فأمر المحتاجين و ندب المعصومين، فالنكاح فرض مع الحاجة و سنّة على
الكفاية، ثم وعدهم تعالى الغنى على الفقير، فالغنى على الغني يجعله على نحو
الفقر من الفقير، فقد يكون فقيرا من الأجر فيغنيه بالأجر، و يكون فقيرا من
عدم الحكم فيغنيه بإيجاب الحكم عليه، و يكون فقيرا بالضيعة و الشتات و فقد
المنزل و الأثاث فيغنيه بوجود ذلك، و أحكمه عزّ و جلّ بما عقبه من قوله
تعالى و هو الحكيم: وَ الله واسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة: 247]. فهو واسع لغناهم
عن معاني فقرهم عليهم بحالهم و ما يصلحهم فيما لا يعلمون على مقادير
رتبهم. و روى الحسن عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه و سلم: من ترك
التزويج مخافة العيلة فليس منا. و روينا عن النبي صلى الله عليه و سلم: إذا
أتاكم من ترضون دينه و أمانته فأنكحوه ألاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض و
فساد كبير.
و في الخبر: من نكح للَّه عزّ و جلّ و أنكح للَّه تبارك و تعالى استحق
ولاية الله تعالى، و هذا أدنى حال تنال به الولاية لأنها مقامات لكل مقام
عمل من الصالحات، إلّا أنا روينا أنّ بشر بن الحارث قيل له إنّ الناس
يتكلمون فيك. فقال: و ما عسى يقولون؟ قيل: يقولون إنك تارك لسنّة يعنون
النكاح. فقال: قل لهم: إني مشغول بالفرض عن السنّة. و قال مرة:
ما يمنعني من ذلك إلا آية في كتاب الله تعالى قوله: وَ لَهُنَّ مِثْلُ
الَّذِي عَلَيْهِنَّ [البقرة: 228]. و لعسى أن لا أقوم بذلك. و كان يقول:
لو كنت أعول دجاجة لخفت أن أكون جلّادا على الجسر، هذا يقوله في سنة عشرين و
مائتين، و الحلال و النساء أحمد عاقبة. فكيف بوقتنا هذا؟ فالأفضل للمريد
في مثل زماننا هذا ترك التزويج إذا أمن الفتنة و عود العصمة، و لم تنازعه
نفسه إلى معصية، و لم يترادف خواطر النساء على قلبه حتى يتشتت همه أو يقطعه
عن حسن الإقبال على الخدمة من مسامرة الفكر و محادثة النفس
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 399