نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 267
الفصل الثامن و الثلاثون في الإخلاص و شرح النيّات و الأمر بتحسينها في
تصريف الأحوال و التحذير من دخول الآفات عليها في الأفعال
قال الله الكبير المتعال: وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا الله
مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة: 5] و قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم: ثلاث لا يغلّ عليهنّ قلب رجل مسلم: إخلاص العمل للَّه تعالى، و قال:
إنما الأعمال بالنيّات، و لكل امرئ ما نوى. و قد روينا في الحديث من طريق
أهل البيت عليهم السلام: لا يقبل الله تعالى قولا إلّا بعمل و لا قولا و
عملا إلّا بنية. و قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: أفضل الأعمال
أداء ما افترض الله تعالى و الورع عمّا حرم الله تعالى و صدق النية فيما
عند الله عزّ و جلّ. فينبغي أن يكون للعبد في كل شيء نية حتى في مطعمه و
مشربه و ملبسه و نومه و نكاحه، فإن ذلك كله من أعماله التي يسأل عنها، فإن
كانت للَّه تعالى و فيه كانت في ميزان حسناته، و إن كانت في سبيل الهوى و
لغير المولى كانت في ميزان سيّئاته، إذ لكل عبد ما نوى و إن كان ذلك غفلة و
سهوا من غير نية و لا عقد طوبة و لا حسبة، لم يكن له في ذلك شيء، و لم
يجد عمله في الآخرة شيئا. و كان فيه لا له و لا عليه. و كان ذلك في الدنيا
على مثال الأنعام التي تتصرف عن غير مقول و لا تكليف و لكن بإلهام و توفيق.
و أخاف أن يدخل في وصف من قال الله تعالى: أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ
ذِكْرِنا وَ اتَّبَعَ هَواهُ وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً [الكهف: 28]. أي
غفلة و سهوا. و قيل: تفريطا و تضييعا. و قيل: مقدما إلى الهلاك. فالنية
الصالحة هي أول العمل الصالح و أول العطاء من الله تعالى و هو مكان الجزاء،
و إنما يكون للعبد من ثواب الأعمال على حسب ما يهب الله تعالى له من
النيّات، فربما اتفق في العمل الواحد نيّات كثيرة على مقدار ما يحتمل العبد
من النية، و على مقدار علم العامل، فيكون له بكل نية حسنة، ثم يضاعف كل
حسنة عشر أمثالها، لأنها أعمال تجتمع في عمل، و صورة النية معنيان، أحدهما:
صحة قصد القلب إلى العمل بحسن التيقظ فيه و الإخلاص به لوجه الله تعالى
ابتغاء ما عنده من الأجر. فكل عمل كان على علم بهذه النية فهو صالح متقبل
بفضل الله تعالى و برحمته، لأن صاحبه قد
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 267