نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 265
[الصافات: 24]، قال عن قول لا إله إلّا الله، و قد رويناه مرفوعا إلى
النبي فهذا على معنى ما ذكرناه أنهم يسألون عن التوحيد. فالناس من أهل
الجنة و النار يحشرون يوم القيامة على ست طبقات، طائفة تدخل الجنة بغير
حساب و هم السابقون المقرّبون، و طائفة تدخل الجنة بعد الحساب اليسير و هم
خصوص المؤمنين و الصالحين، و منهم من يدخل بعد الحساب الطويل و المناقشة و
هم أصحاب اليمين و عموم المؤمنين و كذلك أهل النار ثلاث طبقات، طائفة تدخل
النار بغير سؤال و لا حساب، عالمان من عبدة الأوثان من ولد يافث بن نوح و
هم يأجوج و مأجوج خلق خلقوا للنار، و طائفة تدخل النار بعد الحساب الطويل و
المناقشة، و هم أهل الكبائر و المنافقون، و طائفة بسؤال و توقيف من غير
محابة على الأعمال و هم، أمم الأنبياء المرسل إليهم المرسلون لقوله تعالى:
فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ [الأعراف: 6].
و قد روينا في الخبر المشهور: من نوقش الحساب عذّب فقيل: يا رسول الله أ
ليس الله تعالى يقول: فسوف يحاسب حسابا يسيرا؟ فقال ذلك العرض و من نوقش
الحساب عذّب. و قد كان إمامنا سهل بن عبد الله يقول: يسأل الكفّار عن
التوحيد و لا يسألون عن السنّة، و يسأل المبتدعون عن السنّة. و يسأل
المسلمون عن الأعمال. فأما قوله تعالى: إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ثُمَّ
إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ [الغاشية: 25- 26]، ففيها وجهان: أحد الوجهين أن
يكون هذا كلاما منفصلا عما قبله يراد به المسلمون لأنه ذكر خبر الكفّار
فختمه بالعذاب.
فقال في أول الكلام: إِلَّا من تَوَلَّى وَ كَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ الله
الْعَذابَ الْأَكْبَرَ [الغاشية: 23- 24]، هذا آخر خبرهم، ثم استأنف مخبرا
عن غيرهم فقال إنّ إلينا إيابهم ثم إنّ علينا حسابهم، و الوجه الآخر أن
يكون قوله تعالى: ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ [الغاشية: 25] أي
جزاءهم. فالحساب أيما ذكر للكفّار يكون بمعنى المجازاة على أعمالهم السيئة و
كذلك قوله تعالى: وَ وَجَدَ الله عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ [النور:
39] يعني جزاءه، إلّا إنّ الفراء و غيره من أهل اللسان خالفونا في هذا
فاعتبروه بما بعده فجعلوه دليلا على المحاسبة قالوا: احتمل أن يكون قوله
فوفاه حسابه أن يكون جزاءه كما قلنا و احتمل أن يريد محاسبته. فلما قيل: و
الله سريع الحساب كشف التنزيل التأويل بذلك أنّ حسابه يعني محاسبته. و كذلك
قال الزجاج في تأويل ما ذكرناه آنفا من قوله: وَ لا يُسْئَلُ عَنْ
ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ [القص 78] فقال معناه لا يسألون لتوجه من قبلهم
أو ليرجع إليهم من علم ذلك و سبقه عليهم، أي قد فرغ الله عزّ و جلّ من
ذلك فأحكمه بما سبق من علمه، و واطأه مقاتل بن سليمان على هذا التأويل
باختلاف معنى بمعنى صنعته التفسير، لأنه لم
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 265