نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 208
موتا. فدبر خلافتهم على ما علم من آجالهم، و وفى لهم بما وعدهم من
استخلافهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم من خلائف أنبيائه السوالف، و
مكّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، و بدلهم أمناء بعد خوفهم. كما قال الصادق
فيما عهد. و من أوفى بعهده من الله. فذلك تأويل قوله عزّ و جلّ: وَعَدَ
الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ في الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ من
قَبْلِهِمْ [النور: 55] الآية.
و أن يعتقد أنّ الإمامة في قريش خاصة دون سائر العرب كافة إلى يوم القيامة،
و أن لا يخرج على الأئمة بالسيف، و يصبر على جورهم إن كان منهم، و يشكر
على المعروف و العدل، و يطيع إذا أمر بالتقوى و البر حتى تأتيه يد خاطئة أو
منية قاضية. كذلك السنّة. قال عالمنا أبو محمد سهل رحمه الله تعالى: هذه
الأمة ثلاث و سبعون فرقة: اثنتان و سبعون هالكة، كلّهم يبغض السلطان، و
الناجية هذه الواحدة التي مع السلطان. و سئل أي الناس خير؟
فقال: السلطان. قيل: كنا نرى أنّ شرّ الناس السلطان. فقال: مهلا إن الله
تعالى في كل يوم نظرتين، نظرة إلى سلامة أموال المسلمين و دمائهم، و نظرة
إلى سلامة أفكارهم، فيطلع في صحيفته فيغفر له ذنوبه. و قال أبو محمد
الخليفة إذا كان غير صالح فهو من الأبدال، و إذا كان صالحا فهو القطب الذي
تدور عليه الدنيا. قوله من الأبدال يعني أبدال الملك. كما حدثنا عن جعفر بن
محمد الصادق أنه قال: أبدال الدنيا سبعة، على مقاديرهم يكون الناس في كل
زمان من العباد، و العلماء، و التجار، و الخليفة، وزير، و أمير الجيش، و
صاحب الشرطة، و القاضي و شهوده. روينا في الخبر: عدل ساعة من إمام عادل خير
من عبادة ستين سنة. و يقال: إن الإمام العادل يوضع في ميزانه جميع أعمال
رعيته. و كان عمرو بن العاص يقول: إمام غشوم خير من فتنة تدوم. و قال النبي
صلى الله عليه و سلم: يكون عليكم أمراء يفسدون و ما يصلح الله تعالى بهم
أكثر، فإن أحسنوا فلهم الأجر و عليكم الشكر، و إن أساءوا فعليهم الوزر و
عليكم الصبر. و في الخبر الآخر. يليكم أمراء يقولون ما لا يعرفوه و يفعلون
ما ينكرون. و في لفظ يفعلون ما لم يؤمروا، قلنا: أ فلا نقاتلهم؟ قال: لا ما
صلّوا.
و في الحديث الآخر: ما أقاموا الصلاة. و كان سهل رحمه الله تعالى يقول: من
أنكر إمامة لسلطان فهو زنديق، و من دعاه السلطان فلم يجب فهو مبتدع، و من
أتاه من غير دعوة فهو جاهل. و كان يقول: الخشيبات السود المعلقة على
أبوابهم أنفع للمسلمين من سبعين قاضيا يقضون في المسجد. و قد كان أحمد بن
حنبل رحمه الله تعالى يقول: إذا كان السلطان صالحا فهو خير من صالحيّ
الأمة، و إذا كان فاسقا فصالحو الأمة خير منه، و هذا قول عدل. و لا يكفر
أحد من أهل القبلة بذنب و إن عظم، و لا ينزله جنة و لا نارا بل
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 208