نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 199
العرب من يسمّي العمرة حجّا. و في الخبر: عمرة في رمضان تعدل حجة. فمن وفق
للعمل بما ذكرناه فهو علامة قبول حجه و دليل نظر الله إليه في قصده.
ذكر فضائل الحج و الحاجين لوجه الله
روينا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: من حجّ هذا البيت فلم
يرفث و لم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. و في حديث آخر: من خرج من
بيته حاجا أو معتمرا فمات أجري له أجر الحاج و المعتمر إلى يوم القيامة، و
من مات في أحد الحرمين لم يعرض و لم يحاسب.
و قيل له: أدخل الجنة. و روي في الخبر حجة مبرورة خير من الدنيا و ما فيها،
و حجة مبرورة ليس لها جزاء إلّا الجنة. و في الحديث: الحجاج و العمار وفد
الله تعالى و زوّاره، إن سألوه أعطاهم، و إن استغفروه غفر لهم، و إن دعوه
استجيب لهم، و إن شفعوا شفعوا. و ذكر بعضهم أنّ إبليس ظهر له في صورة شخص
بعرفة، فإذا هو ناحل الجسم، مصفرّ اللون، باكي العين، مقصوم الظهر، فقال
له: ما الذي أبكى عينك؟ فقال: خروج الحاج إليه بلا تجارة، أقول قصدوه أخاف
أن لا يخيبهم فيحزنني ذلك. قال: فما الذي أنحل جسمك؟
قال: صهيل الخيل في سبيل الله تعالى، و لو كانت في سبيلي، كان أحبّ إليّ
قال: فما الذي غيّر لونك؟ قال: تعاون الجماعة على الطاعة، و لو تعاونوا على
المعصية كان أحبّ إليّ قال: فما الذي قصم ظهرك؟ قال: قول العبد أسألك حسن
الخاتمة، أقول: يا ويلتي متى يعجب هذا بعمله؟ أخاف أن يكون قد. و لقي رجل
ابن المبارك و قد أفاض من عرفة إلى مزدلفة فقال: من أعظم الناس جرما يا أبا
عبد الرحمن في هذا الوقت؟ فقال: من قال إنّ الله عزّ و جلّ لم يغفر
لهؤلاء. و قد روينا حديثا مسندا من طريق أهل البيت: أعظم الناس ذنبا من وقف
بعرفة فظنّ أنّ الله عزّ و جلّ لم يغفر له. و يقال إنّ من الذنوب ذنوبا لا
يكفّرها إلّا الوقوف بعرفة، و قد رفعه جعفر بن محمد فأسنده. و يقال: إنّ
الله عزّ و جلّ إذا غفر لعبد ذنبا في الموقف غفره لكل من أصابه في ذلك
الموقف. و زعم بعض السلف: إذا وافق يوم عرفة يوم جمعة غفر لكل أهل الموقف، و
هو أفضل يوم في الدنيا، و فيه حجّ رسول الله صلى الله عليه و سلم حجة
الوداع، و لم يحج بعد نزول فرض الحج غيرها. و عليه نزلت هذه الآية و هو
وافق بعرفة الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ
عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً [المائدة: 3] و
قال علماء أهل الكتاب: لو أنزلت علينا هذه الآية لجعلنا يومها عيدا. فقال
عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أشهد لقد أنزلت في يوم عيدين اثنين، يوم عرفة و
يوم جمعة على رسول الله صلى الله عليه و سلم، و هو واقف بعرفة. و قد روينا
في تفسير قوله تعالى: ليشهدوا منافع لهم، عن جماعة من السلف قال: غفر لهم و
ربّ الكعبة. و في تفسير قوله تعالى:
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 199