responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی    جلد : 2  صفحه : 172
يحضرون صلاتهم و يتمّون صفوفهم و نبيهم بين أيديهم، لا يدرون ما يتلو عليهم من كتاب ربهم إلّا أنّ بني إسرائيل كذلكم فعلوا. فأوحى الله إلى نبيهم أن قل لقومك تحضروني أبدانكم و تعطوني ألسنتكم و تغيبون عني قلوبكم باطلا ما تذهبون. و قال بعض علمائنا: إنّ العبد يسجد السجدة عنده أنه يتقرب بهما إلى الله عزّ و جلّ، و لو قسمت ذنوبه في سجدته على أهل مدينته لهلكوا. قيل: و كيف يكون ذلك يا أبا محمد؟ قال: يكون ساجدا عند الله و قلبه مصغ إلى هوى، و مشاهد لباطل قد استولى عليه. و هذا كما قال لأن فيه انتهاك حرمة القرب و سقوط هيبة الرب تعالى. و اعلم أنّ طول الصلاة عليك غفلة و قصرها سهو لأنها إذا طالت عليك دلّ على عدم الحلاوة و وجود الثقل بها و كبرها على جوارحك، و إذا قصرت عليك و خفّت دلّ على نقصان حدودها و دخول الغفلي و السهو فيها. فالنسيان قصرها، و الاستقامة في الصلاة أن لا تطول عليك لوجود الحلاوة، و لذة المناجاة، و حسن الفهم، و اجتماع الهمّ، و لا تقصر عليك لتيقظك فيها، و رعايتك حدودها، و حسن قيامك بها، و هذه مراقبة المصلين و مشاهدة الخاشعين. ذكر أحكام الخواطر في الصلاة و ما ذكر به العبد في الصلاة من الخير فليسارع إلى فعله فذلك من أحبّ الأشياء إلى الله تعالى لأنه أذكره إياها في أحبّ المواطن إليه. و ما ذكر به من المكروه و الممقوت إليه من المعتاد و المستأنف فليجتنبه، فإنه هو الذي يبعده من قرب الله سبحانه و تعالى، و تذكيره إياه في محل القرب، توبيخا له و تقريرا، و قد يكون عتبا و تنبيها. فترك ذلك مما يقرب إلى الله تعالى، و يدل على حسن الاستجابة له، و هو مسلك طريقه إلى الله تعالى و ما خطر به من خاطر تمنّ أو هوى أو ذكر بهمة ما يأتي أو ما قد مضى. فإنّ ذلك وسوسة إليه من عدوه حسدا له ليقطعه بذلك عن وقوف قلبه عند كل ركن من أركان الصلاة و يشغل قلبه عن الوقوف في المناجاة، بما يضرّه عما ينفعه ليحرمه بذلك أن يشهد عند كل ذكر من أذكار الصلاة ما يوجبه الذكر من تدبير أو تعظيم أو حمد أو دعاء أو استغفار، و إن خطر بقلبه أمر معاشه و تصريف أحواله و تدبير شأنه من المناجاة، فذلك من قبل النفس و فكرها بما توسوس به من أمور الدنيا، فإما إن خطرت همة محظورة أو فكرة في معصية مأزورة، فهذا هو الهلاك و البعد، يكون عن وصف النفس الأمارة باستحواذ العدوّ المغوي، فهو علامة الإبعاد، و الحجاب دليل المقت، و الإبعاد و الإعراض. فإذا ابتلي في صلاته بهذه المعاني فقد اختبر بذلك فعليه أن يعمل في نفيه مع نفس بدوّه، و لا يمكنه من الظهور من قلبه فيملكه، و لا يصغي إليه بعقله فيستولي عليه، و لا يحادثه و لا يطاوله فيخرجه من حدّ

نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی    جلد : 2  صفحه : 172
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست