نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 1 صفحه : 339
فهذا موبقة و فيها من أهل الدنيا طبقات و معاصي تكون من ضد السنّة و هو ما
خالفها إلى بدعة و الأحداث المبتدعة و هي كبائر منها ما يذهب الإيمان و
ينبت النفاق. و ست من كبائر البدع، و هي تنقل عن الملة: و هي القدرية و
المرجئة الرافضية و الإباضية و الجهمية و الشاطحون من المغالطين و هم الذين
لا يقولون بخلق و لا رسم و لا حكم في تعدّي الحدود و مجاوزات العلم فهم
زنادقة هذه الأمة و معاص متعلقة بالخلق من طريق المظالم في الدين و الإلحاد
بهم عن طريق المؤمنين، و هو ما أضلّ به عن الهدى و أزاغ به عن السنن و
حرّفه من الكتاب و تأوّله من السنّة ثم أظهر ذلك و دعا إليه فقبل منه و
أتبع عليه.
و قد قال بعض العلماء: لا توبة لهذه المعاصي كما قال بعضهم في القاتل: لا
توبة له للأخبار بثبوت الوعيد و حقّ القول عليه. و الضرب الخامس من المعاصي
ما تعلّق بمظالم العباد في أمر الدنيا مثل ضرب الإنسان و شتم الأعراض و
أخذ الأموال و الكذب و البهتان، فهذه موبقات و لا بد فيها من القصاص
للموافقة بين يدي الحاكم العادل و القطع منه بقضاء فاصل إلا أن يقع استحلال
أو يستوهبها الله عزّ و جلّ من أربابها في المآل بكرمه و يعوض المظلومين
عليها من جنابه بجوده. و قد جاء في الخبر: الدواوين ثلاثة: ديوان يغفر، و
ديوان لا يغفر، و ديوان لا يترك. فأما الديوان الذي يغفر فذنوب العباد
بينهم و بين الله تعالى و أما الديوان الذي لا يغفر فالشرك بالله تعالى و
أما الديوان الذي لا يترك فمظالم العباد أي لا يترك المطالبة به و المؤاخذة
عليه، و الضرب السادس من الذنوب ما كان بين العبد و بين مولاه من نفسه إلى
نفسه متعلّق بالشهوات و الجري في العادات و هذه أخفها و إلى العفو أقربها.
و هذه على ضربين كبائر و صغائر، فالكبائر ما نصّ عليه بالوعيد و ما وجبت
فيه الحدود، و الصغائر دون ذلك إلى نطرة و خطرة و التوبة النصوح تأتي على
الجميع ذلك بعموم قوله تعالى: فَتابَ عَلَيْكُمْ وَ عَفا عَنْكُمْ و
بإخباره عزّ و جلّ عن حكمه إذ يقول: ثم تاب عليهم ليتوبوا. و بظاهر قوله
تعالى إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ
لَمْ يَتُوبُوا [البروج: 10]. و مثله: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ
هاجَرُوا من بَعْدِ ما فُتِنُوا [النحل: 110] إلى قوله: إِنَّ رَبَّكَ من
بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ [النحل: 110] هكذا قراءة أهل الشام بنصب الفاء و
التاء و لأن البغية من التوبة إذا كانت غفران الذنب و الزحزحة عن النار و
نحن لا نرى أبدية الوعيد على أهل الكبائر بل نجعلهم في مشيئة الله و نجوز
تجاوز الله تعالى عنهم في أصحاب الجنة. كما جاء في الخبر في تفسير قوله
تعالى: فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها [النساء: 93]، أي إن جازاه. و
كما روينا عن النبي صلّى الله عليه و سلم: من وعده الله تعالى على عمل
ثوابا فهو منجزه له و من وعده على عمل عقابا فهو فيه بالخيار إن شاء
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 1 صفحه : 339