responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی    جلد : 1  صفحه : 192
و روي عن ابن عباس أنه قال إذا وضعت كفك على التراب ثم رفعتها فكل شي‌ء تعلق بها من التراب فهو ذرة، و قد قيل أربع ذرات خردلة. و ذكر بعض العلماء أن الذرة جزء من ألف جزء من شعيرة. ففي الأعمال ما يزن هذا الشبح و ما يثقل به هذا الخفاء. فلذلك أخبر به الخبير و حذر منه الرءوف و في معنى ما ذكرنا آنفا من حسب أنه يدخل الجنة بعمل فهو متعن و من حسب أنه يدخلها بغير عمل فهو متمن يعني أنه ينبغي أن يعمل ما عليه و لا ينظر إليه ثم يتوكل في ذلك على الله عزّ و جلّ و يرجو قبوله بكرمه و يخاف رده بعدله و لذلك مدح الله سبحانه و تعالى عباده الصابرين له المتوكلين في أعمالهم عليه فأنعم أجرهم فقال: نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ. الَّذِينَ صَبَرُوا وَ عَلى‌ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [العنكبوت: 58- 59] فالمزيد في الجنة بفضل الله و رحمته هو تأبيد جزاء المعاملة الموهوبة اليوم و دوام خلود العامل في تأبيد جزائه ألم تسمع قوله تعالى: وَ من يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً [الشورى: 23] مع قوله: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى‌ وَ زِيادَةٌ إلى قوله: فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا [سبأ: 37] و مثله وَ لِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا [الأنعام: 132] و نحوه: أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ [القص 54] أي و بما يدرءون بالحسنة الحديثة السيئة القديمة فلما استعملهم في الدنيا بعملين بالصبر و بدرء السيئة الماضية بالحسنة المستأنفة أعطاهم في الآخرة أجرين. و هذا من الكلام المحذوف الموجز فمحذوفه و بما يدرءون أي و بما يدفعون أيضا فلما حذفت بما أشكل الكلام فأشبهت الواو واو النسق و مؤخره السيئة و المعنى يدفعون السيئة التي تقدمت منهم بالحسنة التي يعملونها بعدها فتكون الحسنة المستقبلة رافعة لعقاب السيئة الفارطة منهم و من أحسن الصبر: الصبر على المصيبة و من أحسن الحسنات: التوبة النصوح بعد ما سلف من الذنوب و الفضوح فكأنهم قد عملوا عملين صبروا عن الشهوة و دفعوا بالتوبة ما سلف من السيئة فأعطاهم أجرين لما استعملهم بعملين إذ لا صبر إلا به و لا توبة لهم إلا منه كما قال تعالى: وَ ما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ [النحل: 127] و قال: تَوْبَةً من الله [النساء: 92] و ليس من العبد أو إليه فيما من الله و إلا كان مشركا في اسم أوّل. و من أحسن الحسنات مراقبة الرقيب عند خطرات القلوب و من أفضل القربات محاسبة النفس للحسيب و استجابتها بطاعة الحبيب و كذلك حكمته في مزيد أهل النار و دركات بعضهم على بعض في العتوّ و الفساد فقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ الله [النساء: 167] زدناهم عذابا فوق العذاب أي زدناهم عذابا فوق عذاب الذين كفروا و لم يصدوا عن سبيل الله و بمعناه قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَ لا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً

نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی    جلد : 1  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست