responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اعلام النساء المؤمنات نویسنده : الحسّون، محمد    جلد : 1  صفحه : 777

فضلاً ، فيتكبّر على شريكه في الحياة ، فيثأر الآخر لكرامته ، فتسوء العلاقة بينهما ويفسد نظام البيت .

وحين بعث الله عزّ وجلّ رسوله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الناس كافة ، وقابلته قريش بأشدّ ما تقدر عليه من الأذى حتى قال صلى الله عليه وآله وسلم : « ما اُوذي نبي بمثل ما اُوذيت » ، ومن بين هذا الجمع الهائل من قريش يسرع أبوسلمة ملبيّاً نداء السماء ، وتستجيب زوجته كذلك ، فتطفوا على بيتهم آنذاك قدسيّة الإسلام ، فيكون بيت أبي سلمة من أوّل البيوت إسلاماً .

وتستمر قريش في أذاها للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، ويزداد الضغط على المسلمين ، فيأمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالهجرة إلى الحبشة ، فكان أبوسلمة وزوجته في الرعيل الأوّل من المهاجرين ، تاركين وطنهم ، فارين بدينهم ، ولا هدف لهم من هذه الهجرة إلاّ التخلّص من بطش قريش والحريّة في ممارسة الشعائر الإلهية .

وفي الحبشة ، وتحت ظلّ ملكها العادل ، يحصل أبوسلمة وزوجته وبقيّة المسلمين على هذه الاُمنية ، ويسعدوا بأداء الواجبات بأمن وسلام ، وتقرّ عيونهم بمولود تضعه اُم سلمة في دار الهجرة وفي بلد الغربة .

وفي الحبشة توافيهم أنباء مفرحة ، بأنّ قريشاً تغيّر موقفها من الإسلام ، وتركت ما كانت تعمله بالمسلمين من الأذى ، ويسرع أبوسلمة وزوجته إلى مكة ليكونا بالقرب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولكنّه يفاجأ بالأمر معكوساً ، فقريش قد ازدادت في طغواها وتفننت في عتوّها وتجبرّها ، فهي تخرج المستضعفين من المسلمين إلى الرمضاء ، وبعد أن تجردّهم من ثيابهم تلقيهم على الأرض ، محمّلة لهم قلل الصخر وصلب الحجارة ، وقد تغطس البعض في الماء حتى يكاد يخنق .

وكاد أبوسلمة وزوجته أن يقع في هذا الفخ ، لولا أنّه استجار بخاله أبي طالب شيخ البطحاء وابن شيخها فأجاره وزوجته ، وهبّت قريش في وجه أبي طالب تطلب منه النزول عن هذا الجوار ، فهو يدافع عن محمّد صلى الله عليه وآله وسلم بالأمس ، واليوم يجير أبا سلمة ، فأجابهم أبوطالب : إنه استجار بي وأنا إن لم أمنع ابن اُختي لم أمنع ابن أخي .

وبعد أن أراد الله لرسوله الهجرة ليتسنّى له بناء الدولة الإسلامية الكبرى وتشييد دعائمها منطلقة من يثرب ، فكان أبوسلمة وزوجته أوّل الناس استجابة لهذه الهجرة يخرج بزوجته وابنه ، فتتصدّى قريش لمنعه ، فيفلت منها وتبقى زوجته وابنها في أيديهم .

قالت اُم سلمة : لمّا أجمع أبوسلمة الخروج إلى المدينة رَحلَ بعيراً له وحملني وحمل معي ابني سلمة ثم خرج يقود بعيره ، فلمّا رآه رجال من بني المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم قاموا إليه فقالوا : هذه نفسك غلبتنا عليها ، أرأيت صاحبتنا هذه ، علامَ تُترك تسير بها في البلاد ، ونزعوا خطام البعير من يده وأخذوني .

وغضبت عند ذلك بنو عبدالأسد ، وأهووا إلى سلمة وقالوا : لا والله لا نترك ابننا عندها إذا نزعتموها من صاحبنا ، فتجاذبوا ابني سلمة حتى خلعوا يده ، وانطلقوا به بنو أسد رهط أبي سلمة ، وحبسني بنو المغيرة عندهم ، وانطلق أبوسلمة حتى لحق بالمدينة ، ففرّق بيني وبين زوجي وبين إبني .

فكنتُ أخرج كلّ غداة فأجلس بالأبطح ، فما أزال أبكي حتى اُم سي سنة أو قريبها ، حتى مرّ بي رجل من بني عمي من بني المغيرة فرأى ما بي فرحمني فقال لبني المغيرة : ألا تخرجون من هذه المسكينة فرّقتم بينها وبين زوجها وبين ابنها .

فقالوا لي : إلحقي بزوجك إن شئت ، وردّ علي بنو عبدالأسد عند ذلك ابني ، فرحلت بعيري ووضعت ابني في حجري ثم خرجت اُريد زوجي بالمدينة ، وما معي أحد من خلق الله ، فقلت : أتبلغِ بمن لقيت حتى اُقدم على زوجي ، حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة بن أبي طلحة أخا بني عبدالدار ، فقال : أين يا ابنة أبي اُميّة ؟

قلت : اُريد زوجي بالمدينة .

قال : هل معكِ أحد ؟

فقلت : لا والله ، إلاّ الله وابني هذا .

فقال : والله مالك من منزل ، فأخذ بخطم البعير ، فانطلق معي يقودني ، فوالله ما صحبت رجلاً من العرب كان أكرم منه ، إذا بلغ المنزل أناخ بي ، ثم تنحى إلى شجرة فاضطجع تحتها ،

نام کتاب : اعلام النساء المؤمنات نویسنده : الحسّون، محمد    جلد : 1  صفحه : 777
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست