نام کتاب : اعلام النساء المؤمنات نویسنده : الحسّون، محمد جلد : 1 صفحه : 40
الجميع إنسان ذو فطرة بشرية ـ أن يساوي بينهم في الحقوق والوظائف
من غير أن يحبا بعض ويضطهد آخرون بإبطال حقوقهم ، لكن ليس مقتضى هذه
التسوية التي يحكم بها العدل الإجتماعي أن يبذل كلّ مقام اجتماعي لكلّ فرد
من أفراد المجتمع ، فيتقلّد الصبي مثلاً على صباوته والسفيه على سفاهته ما
يقلده الإنسان العاقل المجّرِب ، أو يتناول الضعيف العاجز ما يتناوله القوي
المقتدر من الشؤون والدرجات ، فإنّ في تسوية حال الصالح وغير الصالح
إفساداً لحالهما معاً .
بل الذي يقتضيه العدل الإجتماعي ويفسّر به معنى التسوية : أن يعطي
كلّ ذي حقّ حقّه وينزّل منزلته ، فالتساوي بين الأفراد والطبقات إنّما هو
في نيل كلّ ذي حقّ خصوص حقّه من غير أن يزاحم حقّ حقّاً ، أو يهمل أو يبطل
حقّ بغياً أو تحكيماً ونحو ذلك ، وهذا هو الذي يشير إليه قوله تعالى : ﴿ ولهنّ مثل الذي عليهنَّ بالمعروف وللرجال عليهنّ درجة ﴾ [1] ، فإنّ الآية تصرّح بالتساوي في عين تقرير الإختلاف بينهن وبين الرجال .
ثم إنّ اشتراك القبيلين ـ أعني الرجال والنساء ـ في اُصول المواهب
الوجوديّة ـ أعني : الفكر والإرادة المولدتين للإختيار ـ يستدعي اشتراكها
مع الرجال في حريّة الفكر والإرادة ، أعني الإختيار ، فلها الإستقلال
بالتصرّف في جميع شؤون حياتها الفردية والإجتماعية عدا ما منع عنه مانع .
وقد أعطاها الإسلام هذا الإستقلال والحريّة على أتمّ الوجوه كما
سمعت فيما تقدّم ، فصارت بنعمة الله سبحانه مستقلة بنفسها ، منفكة الإرادة
والعمل عن الرجال وولايتهم وقيمومتهم ، واجدة لما لم تسمح لها به الدنيا في
جميع أدوارها ، وخلت عنه صحائف تأريخ وجودها ، قال تعالى : ﴿ فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف ﴾ [2] .
لكنّها مع وجود العوامل المشتركة المذكورة في وجودها تختلف مع
الرجال من جهة اُخرى ، فإنّ المتوسطة من النساء تتأخر عن المتوسط من الرجال
في الخصوصيات الكماليّة