كانوا يعاملونها معاملة حقيرة حتى أنّهم جعلوا صفة الضعف والصغار
والهوان ملازمة لها ، واستعملوا كلمة المرأة في الإستعارة والكناية
والتشبيه ، بها يقرّع الجبان ، ويؤنّب الضعيف ، ويلام المخذول المستهان
والمستذل المتظلم .
قال الشاعر زهير بن أبي سلمى يهجو حِصن بن حذيفة الفزاري :
وما أدري وليتَ إخال أدري *** أقومٌ آل حصنٍ أم نساء [2]
وقد أكثر الشعراء في وصف حالهم وحال المرأة في ذلك العهد ،
وعجزها عن العمل والمقاومة ، في حين أن البنين أقوى منهنّ ، ويتاح لهم ما
لا يتاح لهنّ .
ولعلّ أبرز مظاهر ظلم المرأة في الجاهلية هي مسألة وأد البنات ،
تلك العادة القبيحة اللاإنسانية التي كانت واسعة الانتشار في تلك الأيام في
الجزيرة العربية عند أهل البادية في الصحراء وفي بعض المدن المتحضّرة .
ويختلف سبب الوأد عند القبائل ، فمنهم من يَئد البنات غيرة على
العرض ومخافة من لحوق العار رحمه الله لأنّهم أهل سطو وغزو ، وكانت الذراري
تساق مع الغنائم ، ويؤخذ السبي فتكون بناتهم عند الأعداء ، وهذا منتهى
الذل والعار .
قال أحد شعرائهم :
القبـر أخفـى سترة للبنات *** ودفنها يروى من المكرمات