نام کتاب : اعلام النساء المؤمنات نویسنده : الحسّون، محمد جلد : 1 صفحه : 219
الحال الذي وصفتم .
فقيل لهم : هذا منكم جهل بوجوه التدبير ، وذلك أنّ رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم أوصى علياً عليه السلام بما احتاج إليه في وقت وفاته ،
وعرّفه جميع ما يجري عليه من بعده من اُمّته واحداً بعد واحد ، فقال علي
عليه السلام : « فما تأمرني أن أصنع ؟ » .
قال : « تصبر وتحتسب إلى أن ترجع الناس إليك طوعاً ، فحينئذٍ قاتل
الناكثين والقاسطين والمارقين ، ولا تنابذنّ أحداً من الثلاثة فتلقي بيدك
إلى التهلكة ، ويرتد الناس من النفاق إلى الشقاق » .
فكان عليه السلام حافظاً لوصيّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،
إبقاءً في ذلك على المسلمين المستضعفين ، وحفظاً للدين لئلا ترجع الناس
إلى الجاهلية الجهلاء ، وتثور القبائل تريد الفتنة في طلب ثارات الجاهلية .
فلمّا جرى من عمر في حال خطبته لاُم كلثوم ما تقدّم به الحكاية فكّر
علي عليه السلام فقال : إن منعته رام قتلي ، وإن رام قتلي فمنعته عن نفسي ،
خرجت بذلك عن طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وخالفت وصيته ،
ودخل في الدين ما كان حاذره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ارتداد
الناس الذي لأجلِهِ أوصاني بالصبر والإحتساب .
وكان تسليم ابنته اُم كلثوم في ذلك أصلح من قتله ، أو الخروج من
وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ففوّض أمرها إلى الله ، وعلم أنّ
الذي كان اغتصبه الرجل من أموال المسلمين و اُمورهم وارتكبه من إنكار حقّه
وقعوده في مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وتغيير أحكام الله
وتبديل فرائض الله ، أعظم عند الله وأفظع وأشنع من اغتصابه ذلك الفرج ،
فسلّم وصبر واحتسب ، كما أمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنزل
ابنته في ذلك منزلة آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، إذ انّ الله عزّ وجلّ وصف
قولها : ﴿ ربّ ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجّني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين ﴾ [1] .