وقوله تعالى:(سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) (الفتح: 23).
فهناك سنن الله في عباده تتكرّر دواليك في الأمم أيضاً، وليس فيها تبديل، بل دوام واستمرار.
والتعبير القرآني الآخر:(سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَ كانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً) (الأحزاب: 38).
فهذه محاسبات في التقدير والقدر والقضاء الإلهي، كما وقعت في الأمم التي خلت ستقع في هذه الأمّة، فليكن ذلك عِبرةً وعِظةً لكم، ولا تكونوا من طائفة المكذّبين، بل كونوا من طائفة المؤمنين، ولا تكونوا من طائفة الجاهلين، بل كونوا من طائفة العالمين.
قال تعالى:(يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَ يَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (النساء: 26).
وقال أيضاً:(قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) (آل عمران: 137)، اعتبروا واتّعظوا لتجدوا أجوبة شافية لأسئلتكم، ولا تكونوا مفترين ومكذّبين، فهناك سنن إلهية تتكرّر دواليك، فكلَّما وجدت حالة تفشّي فساد وظلم يؤدّي إلى ما ذكرته الآية الكريمة في سورة القصص:(إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَ جَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَ يَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (القصص: 4).
تأتي حينئذٍ السنن الإلهية:(وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) (القصص: 5)، ونريد هذه إرادة كسُنّة إلهية تتكرّر دوماً وتستمرّ، كما تذكر لنا ذلك الآيات القرآنية:(وَ إِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ