مقدمه صفحه 15

[المقدمة]

مقدّمة التحقيق

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه ربّ العالمين، و الصّلاة و السلام على سيّدنا و نبيّنا أفضل الخلائق أجمعين، و وصيّه و خليفته عليّ أمير المؤمنين، و آله الطّيبين الطاهرين، و لعنة الله على أعدائهم أبد الآبدين و دهر الداهرين.

السلام على الإمام المهدي الذي يملأُ الأرض قسطاً و عدلًا.

أمّا بعد، فهذا هو المجلّد الثاني و هو الأخير من رسائل الشهيد الثاني، و فرغنا بحمد الله من تحقيقها بمساعدة عدّةٍ من الإخوان الفضلاء سنذكر أسماءهم، و ذلك في مدّة مديدة. و بذلنا في تحقيقها جهوداً جمّةً، و تحمّلنا الصعابَ الكثيرة، و استفرغنا فيه الوسع و الطاقة، و امتنعنا من الهدوء و القرار، و لا يعلم إلا الله (تبارك و تعالى) ما تحمّلناه من التعب و النصب و المشاقّ في سبيل معرفة النسخ و تمييز المنسوب إلى الشهيد ممّا هو من تآليفه، و تهيئتها من مختلف المكتبات الخاصّة و العامّة في شتّى البلدان، لتبعثرها هنا و هناك، و لرداءة بعض النسخ و تشويهها، و ما إلى ذلك من مشكلات يعاني منها تراثنا الضخم.

و كما ذكرنا في مقدّمة الجزء الأوّل، فإنّ رسائل الشهيد الثاني تشتمل على حوالي أربعين رسالة من آثاره (قدّس سرّه) و لم ينشر قبل تحقيقنا لها أكثر من عشرين رسالة منها، و ما نُشِرَ كان مغلوطاً أو مطبوعاً على الحجر. و قد رتّبنا جميع الرسائل و الإجازات و الفوائد المتفرّقة

مقدمه صفحه 16

للشهيد في أربعة عشر قسماً عدد المعصومين «و جعلنا في الجزء الأوّل منها سبعة أقسامٍ و هي كلّها فقهيّة و في الجزء الثاني أيضاً سبعة أقسامٍ و هي كما ترى في مواضيع مختلفة و مباحث متشتّتة.

و اعلم أنّنا ذكرنا رقماً مسلسلًا لكلا الجزئين إلى آخرهما في أعلى الصفحات، و ذكرنا رقماً مستقِلا لكلّ رسالة في أسفل الصفحات، فلا تغفل.

و قد أدرجنا في هذا المجلّد كلّ ما وجد من آثار الشهيد و فوائده و لو كان في حدّ صفحة أو أقلّ، و لم يكن بحدّ الرسالة، و سمّينا هذه المطالب ب«الفوائد المتفرّقة» و جعلناها القسم الرابع عشر. كما أدرجنا كلّ ما وجدنا من إجازاته و إنهاءاته و بلاغاته في قسم مستقل، أعني القسم الثالث عشر. و لا يخفى أنّ فيه فوائد كبيرة، و يمثّل لنا جهودَ شيخنا الشهيد الجبّارة و عمله الدؤوب المتواصل في سبيل التأليف و التحقيق و مقابلة النسخ و تصحيحها و عرضها، و يُجَسّد ما تحمّله الشهيد في سبيل إحياء تراثنا القيّم، و يبيّن أنّه استفاد من عمره القليل بالنسبة أعني 54 سنة بأحسن وجه، و هو خير أُنموذج لنا من جهود سلفنا الصالح (رحمة الله سبحانه عليهم).

و قد استعرضنا في مجلّدٍ مستقلّ وصف هذه الرسائل و الإجازات و الفوائد و مخطوطاتها و عملنا في التحقيق و ما إلى ذلك، و سوف يُنشر إنْ شاء الله تعالى ككتابٍ مستقل في ترجمة الشهيد.

ثمّ اعلم أنّ الكاتب العالم اللبناني الدكتور يوسف طباجة (حفظه الله سبحانه) أرسل إلينا رسالةً شكر فيها جهودنا لإحياء تراث الشهيدين، و إليك قسماً منها:

سلام من الله عليكم و رحمة منه و بركات ..

إنّ اهتمامكم بنشر تراث الشهيدين السعيدين: الأوّل و الثاني له شأن كبير في مسيرة التواصل مع تراثنا العلمي و الفقهي الذي نحن اليوم بأمسّ الحاجة إليه لِاطّلاع أجيالنا عليه، خصوصاً في عصر الهجمة الاستكبارية على الإسلام، لإفراغه من قوّته الفكرية و العقائدية ..

بارك الله خطاكم و دُمتم ذخراً و شرفاً للإسلام العظيم الذي هو من بركات الله علينا ..

من أرض عاملة الحبيبة العابقة بمداد العلماء و دماء الشهداء عبر التاريخ المتواصل إلى يومنا هذا،

مقدمه صفحه 17

أرفع لكم اسمي آيات الشكر و الامتنان .. داعياً البارئ (عزّ و جلّ) أن يحفظكم و يُثَبّت خُطاكم، و يحفظ الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران و القائمين عليها. و الرحمة على المؤسّس المقدّس الخميني العظيم. و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

جبل عامل في 10/ 5/ 1999 أخوكم يوسف طباجة و لا يخفى أنّه قد ساعدنا في تحقيق هذا الجزء و مراجعته و مقابلته و تخريج النصوص و تصحيح التجارب المطبعية و إعداد الفهارس الفنّيّة عدّة من الإخوان نذكر أسماءهم حسب الترتيب الألفبائي:

منصور الإبراهيمي، علي الأسدي، السيّد حسين بني هاشمي، إسماعيل بيك المندلاوي، نعمت اللّه الجليلي، فرج الله جهان دوست، السيّد تقي الحسيني، محمّد الخطيبي، حسين الشفيعي، أسعد الطيّب، أحمد العابدي، محمّد مهدي عادل نيا، السيّد أبو الحسن العلوي، حسّان فرادي، لطيف فرادي، وليّ الله القرباني، غلام حسين القيصري، عباس المحمّدي، علي المختاري، محمّد حسين المولوي، غلام رضا النقي، محسن النوروزي.

و نقدّم شكرنا و ثناءنا إليهم و إلى كلّ من ساهم في إحياء هذه الرسائل و نخصّ منهم بالذكر المحقّق العلّامة، الأُستاذ الرؤوف الباذل لما يستطيع في مساعدة المحققين، المرحوم السيد عبد العزيز الطباطبائي (قدّس سرّه) و العالم المحقّق و الفقيه المدقّق آية الله الحاج السيد موسى الشبيري الزنجاني، و الصديق الفاضل السيّد جواد الشبيري لمراجعته قسماً من حاشية خلاصة الأقوال.

و نختم الكلام في هذه المقدّمة بأبيات من القصيدة الرائعة الغرّاء للشيخ كاظم الأُزري (قدّس سرّه) في وصف مولانا أمير المؤمنين (عليه أفضل صلوات المصلّين) لأنّا اليوم في السنة الموسومة باسمه الشريف، و لأنّي تشرّفت و الحمد للّه تعالى بزيارته في هذه السنة في النجف الأشرف و عملت بوصيّة المحدّث القمي (رحمه الله) حيث يقول: «و إذا رؤي قبّة الإمام أمير المؤمنين، فيناسب التمثّل بهذه الأبيات للشيخ الأُزري» فكاد أنْ ينصدع قلبي، و الآن

مقدمه صفحه 18

بعد فراقي النجف الأشرف حين أذكر تلك الأيّام تكاد نفسي أن تذوب و قلبي أن يحترق، و كما يقول ابن أبي الحديد في عينيته العبقرية:

و تكاد نفسي أن تذُوبَ صبابةً * * * خُلْقاً و طَبْعاً لا كمَنْ يَتَطبّعُ

و كيفما كان فأذكر هنا أبياتاً من الأُزرية الرائعة، و أسأل ممّن يتشرّف بزيارة قبّته المنيفة أنْ يذكرني بصالح دعائه و يتمثّل بهذه الأبيات:

أيّها الراكبُ المجِدّ رُوَيداً * * * بقلوبٍ تقلّبتْ في جَواها

إنْ تراءَتْ أرضُ الغرّيينِ فاخضَعْ * * * و اخْلَعِ النعلَ دونَ وادي طُواها

و تواضع فَثَمّ دارةُ قدسٍ * * * تَتَمنّى الأفلاكُ لَثْمَ ثَراها

و إذا شِمْتَ قُبّةَ العالم * * * الأعلى و أنوارُ ربّها تَغْشاها

قل له و الدموعُ سَفْحُ عقيقٍ * * * و الحشا تَصْطلي بنار غَضاها:

يا ابن عمّ النبيّ أنت يد الله * * * الّتي عَمّ كُلّ شيءٍ نَداها

أنت قرآنُه القديمُ و أوصافُك * * * آياته الّتي أوحاها

خصّك الله في مآثر شتّى * * * هي مثلُ الأعداد لا تتناهى

ليت عيناً بغير رَوْضك تَرْعىَ * * * قَذِيَتْ و اسْتَمَرّ فيها قَذاها

أنت بعد النبيّ خيرُ البرايا * * * و السما خيرُ ما بها قمراها

لك ذات كذاته حيث لولا * * * أنّها مثلُها لَما آخاها

قد تَراضَعْتُما بِثدْي وصالٍ * * * كان من جوهر التجلّي غذاها

لك في مُرتَقى العُلى و المعالي * * * درجات لا يُرْتقى أدناها

لك نَفْس مِنْ معدن اللطفِ صِيغَتْ * * * جَعَلَ الله كُلّ نَفسٍ فِداها

يا أخا المصطفى لديّ ذنوب * * * هي عين القذى و أنت جلاها

قم المقدّسة سحر اليوم السابع من شهر رمضان المبارك، عام 1421 14/ 9/ 1379 ش رضا المختاري