فَقَصَدْتُ الْجَبَلَ، فَلَمَّا عَلَوْتُهُ وَجَدْتُ عَلَيْهِ رَجُلًا أَسْوَدَ، هَائِلَ الْمَنْظَرِ، كَأَنَّ عَيْنَاهُ جَمْرَتَانِ، فَهَالَنِي مَنْظَرُهُ، فَقَالَ لِي: إِلَيَّ يَا عَلِيُّ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، وَ ضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ، فَقَطَعْتُهُ نِصْفَيْنِ، فَسَمِعْتُ الضَّجِيجَ مِنْ بُيُوتِ مَكَّةَ بِأَجْمَعِهَا ثُمَّ أَتَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) وَ هُوَ بِمَنْزِلِ خَدِيجَةَ، فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ فَقَالَ: أَ تَدْرِي مَنْ قَتَلْتَ يَا عَلِيُّ؟ فَقُلْتُ: اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَقَالَ: قَتَلْتَ اللَّاتَ وَ الْعُزَّى- وَ اللَّهِ- لَا عَادَتْ عُبِدَتْ أَبَداً [1]
. (17) (حديث علي كاسر الأصنام)
وَ عَنْهُ (عليه السلام)، قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)- وَ هُوَ بِمَنْزِلِ خَدِيجَةَ (عليهما السلام) ذَاتَ لَيْلَةٍ فَلَمَّا صِرْتُ إِلَيْهِ، قَالَ: اتَّبِعْنِي يَا عَلِيُّ، فَمَا زَالَ يَمْشِي وَ أَنَا خَلْفَهُ، وَ نَحْنُ نَخْتَرِقُ دُرُوبَ [2] مَكَّةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الْكَعْبَةَ، وَ قَدْ أَنَامَ اللَّهُ كُلَّ عَيْنٍ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم): يَا عَلِيُّ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: اصْعَدْ يَا عَلِيُّ، فَوْقَ كَتِفِي وَ كَسِّرِ الْأَصْنَامَ.
قُلْتُ: بَلْ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، اصْعَدْ فَوْقَ كَتِفِي وَ كَسِّرِ الْأَصْنَامَ، قَالَ: بَلْ أَنْتَ اصْعَدْ يَا عَلِيُّ، وَ انْحَنَى (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)، فَصَعِدْتُ فَوْقَ كَتِفِهِ، وَ أَقْلَبْتُ [3] الْأَصْنَامَ عَلَى وُجُوهِهَا، وَ نَزَلْتُ فَخَرَجْنَا مِنَ الْكَعْبَةِ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى أَتَيْنَا مَنْزِلَ خَدِيجَةَ (عليها السلام).
فَقَالَ: يَا عَلِيُّ أَوَّلُ مَنْ كَسَرَ الْأَصْنَامَ جَدُّكَ إِبْرَاهِيمُ (عليه السلام) ثُمَّ أَنْتَ يَا عَلِيُّ، آخِرُ مَنْ
[1] عنه البحار: 39/ 186 ح 24، و عن الفضائل: 97 و أخرجه السّيّد هاشم البحرانيّ في مدينة المعاجز: 2/ 86 ح 416 عن البرسيّ و ذكر (مثله).
[2] الدّرب: الطّريق.
[3] في البحار: (فقلبت).