(193) (حديث إحتجاج حرة على الحجاج)
خَبَرٌ مِمَّا رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ ثِقَاتٍ، أَنَّهُ لَمَّا وَرَدَتْ حُرَّةُ بِنْتُ حَلِيمَةَ السَّعْدِيَّةُ (رض) عَلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ الثَّقَفِيِّ وَ أَنَّهَا مُثِّلَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ.
فَقَالَ لَهَا: يَا حُرَّةُ ابْنَةُ حَلِيمَةَ السَّعْدِيَّةِ، قَالَتْ لَهُ: فِرَاسَةٌ مِنْ غَيْرِ مُؤْمِنٍ.
فَقَالَ لَهَا: اللَّهُ جَاءَ بِكِ، وَ قَدْ قِيلَ لِي عَنْكِ: إِنَّكِ تُفَضِّلِينَ عَلِيّاً عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ؟
قَالَتْ: لَقَدْ كَذَبَ الَّذِي قَالَ إِنِّي أُفَضِّلُهُ عَلَى هَؤُلَاءِ خَاصَّةً، قَالَ وَ عَلَى غَيْرِ هَؤُلَاءِ؟ قَالَتْ أُفَضِّلُهُ عَلَى آدَمَ وَ نُوحٍ وَ لُوطٍ وَ إِبْرَاهِيمَ وَ مُوسَى وَ دَاوُدَ وَ سُلَيْمَانَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ.
فَقَالَ لَهَا: يَا وَيْلَكِ! أَقُولُ لَكِ إِنَّكِ تُفَضِلِّينَهُ عَلَى الصَّحَابَةِ، وَ تَزِيدِينَ عَلَيْهِمْ سَبْعَةً مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ أُولِي الْعَزْمِ، مِنَ الرُّسُلِ.
وَ إِذَا لَمْ تَأْتِي بِبَيَانِ مَا قُلْتِ وَ إِلَّا لَأَضْرِبَنَّ عُنُقِكِ.
قَالَتْ: مَا أَنَا فَضَّلْتُهُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءِ، بَلِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَضَّلَهُ.
بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ فِي حَقِّ آدَمَ: وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى [1].
وَ قَالَ فِي عَلِيٍّ: وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً [2] قَالَ: أَحْسَنْتِ يَا حُرَّةُ فما [فَبِمَا تُفَضِّلِينَهُ عَلَى نُوحٍ وَ لُوطٍ (عليهما السلام)؟
قَالَتِ: اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَضَّلَهُ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَ قِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ [3] وَ عَلِيٌّ (عليه السلام) زَوْجَتُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ
[1] طه: 121.
[2] الدّهر: 22.
[3] التّحريم: 10.