ذَلِكَ أَعْجَبُ، أَمِ الشَّمْسُ أَعْجَبُ فِي رُجُوعِهَا؟ أَمِ الْكَوَاكِبُ فِي سُقُوطِهَا؟ أَمِ الْعَيْنُ فِي تَنْبِيعِهَا؟ أَمِ الْجُمْجُمَةُ فِي تَكَلُّمِهَا؟
أَمْ سَائِرُ ذَلِكَ فَوَ اللَّهِ، لَوْ أَحْبَبْتُ أَنْ أُرِيَ النَّاسَ مِمَّا عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم). مِنَ الْآيَاتِ وَ الْمُعْجِزَاتِ لَكَانُوا يَرْجِعُونَ كُفَّاراً.
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُصَلَّاهُ، وَ وَجَّهَنِي مِنْ سَاعَتِي إِلَى الْقَادِسِيَّةِ فَوَصَلْتُ، وَ الْمُصَلِّي يُقِيمُ الصَّلَاةَ، فَسَمِعْتُ النَّاسَ، يَقُولُونَ:
السَّبُعُ افْتَرَسَ سِنَانَ بْنَ وَائِلٍ، فَأَتَيْتُ إِلَيْهِ مَعَ مَنْ أَتَاهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَرَأَيْتُهُ لَمْ يَتْرُكِ السَّبُعُ سِوَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ وَ أُنْبُوبَاتِ أَسْنَانِهِ وَ رَأْسِهِ، فَحَمَلُوا رَأْسَهُ وَ عِظَامَهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فَبَقِيتُ مُتَعَجِّباً.
فَحَدَّثْتُ النَّاسَ بِمَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) وَ السَّبُعِ.
قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ جَعَلَ النَّاسُ يَأْخُذُونَ التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْهِ، وَ يَسْتَشْفُونَ بِهِ [1].
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ، قَامَ خَطِيباً فِيهِمْ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ، وَ ذَكَرَ النَّبِيَّ فَصَلَّى عَلَيْهِ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ: مَا أَحَبَّنَا رَجُلٌ وَ دَخَلَ النَّارَ، وَ لَا أَبْغَضَنَا رَجُلٌ وَ دَخَلَ الْجَنَّةَ فَإِنِّي قَسِيمُ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ، هَذَا إِلَى الْجَنَّةِ يَمِيناً وَ هُوَ مُحِبِّي، وَ هَذَا إِلَى النَّارِ شِمَالًا وَ هُوَ مُبْغِضِي.
ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَقُولُ لِجَهَنَّمَ: هَذَا لِي وَ هَذَا لَكِ، حَتَّى تَجُوزَ شِيعَتِي عَلَى الصِّرَاطِ كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ، وَ الرِّيحِ الْعَاصِفِ وَ الطَّيْرِ الْمُسْرِحِ، وَ الْجَوَادِ السَّابِقِ، وَ الطَّيْرِ الْمُسْرِعِ قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ قَامَ إِلَيْهِ النَّاسُ بِأَجْمَعِهِمْ، وَ قَالُوا:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَكَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:
الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَ اتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ
[1] في كشف اليقين: (فجعل النّاس يتبرّكون بتراب تحت قدمي أمير المؤمنين يستشفون به).