وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ: لَمَّا ضُرِبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) الضَّرْبَةَ الَّتِي كَانَتْ وَفَاتُهُ فِيهَا اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ بِبَابِ الْقَصْرِ، وَ كَانُوا يُرِيدُونَ قَتْلَ ابْنِ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ قَالَ: فَخَرَجَ الْحُسَيْنُ (عليه السلام) وَ قَالَ: مَعَاشِرَ النَّاسِ: إِنَّ أَبِي أَوْصَانِي أَنْ أَتْرُكَ قَاتِلَهُ إِلَى يَوْمَ وَفَاتِهِ قَالَ: فَإِنْ كَانَ لَهُ الْوَفَاةُ، وَ إِلَّا نَظَرَ هُوَ فِي حَقِّهِ، فَانْصَرِفُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ قَالَ: فَانْصَرَفَ النَّاسُ وَ لَمْ أَنْصَرِفْ.
قَالَ: وَ خَرَجَ ثَانِيَةً، وَ قَالَ: يَا أَصْبَغُ، أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلِي عَنْ قَوْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام)-؟
قُلْتُ: بَلَى، وَ لَكِنِّي إِذَا رَأَيْتُ حَالَهُ (ف)- أَحْبَبْتُ النَّظَرَ إِلَيْهِ، فَأَسْمَعُ مِنْهُ حَدِيثاً، فَاسْتَأْذِنْ لِي رَحِمَكَ اللَّهُ.
فَدَخَلَ وَ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ، وَ قَالَ: ادْخُلْ. فَدَخَلْتُ، فَإِذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) مُعَصَّبٌ بِعِصَابَةٍ صَفْرَاءَ، وَ قَدْ عَلَا صُفْرَةٌ فِي وَجْهِهِ عَلَى تِلْكَ الْعِصَابَةِ.
فَإِذَا هُوَ يَرْفَعُ فَخِذاً وَ يَضَعُ أُخْرَى، مِنْ شِدَّةِ الضَّرْبَةِ، وَ كَثْرَةِ السَّمِّ.
فَقَالَ لِي: يَا أَصْبَغُ، أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ الْحُسَيْنِ [1] (عليه السلام) عَنْ قَوْلِي؟
قُلْتُ: بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ لَكِنِّي رَأَيْتُكَ فِي حَالَةٍ، فَأَحْبَبْتُ النَّظَرَ إِلَيْكَ، وَ أَنْ أَسْمَعَ مِنْكَ حَدِيثاً فَقَالَ لِي: اقْعُدْ، فَلَا أَرَاكَ تَسْمَعُ مِنِّي حَدِيثاً بَعْدَ يَوْمِكَ هَذَا.
اعْلَمْ يَا أَصْبَغُ، أَنِّي أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) عَائِداً، كَمَا جِئْتَ إِلَيَّ السَّاعَةَ فَقَالَ لِي (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم): اخْرُجْ يَا أَبَا الْحَسَنِ، فَنَادِ بِالنَّاسِ: الصَّلَاةَ جَامِعَةً، وَ اصْعَدْ مِنْبَرِي، وَ قُمْ دُونَ مَقَامِي بِمِرْقَاةٍ
[1] في البحار: (الحسن).