أَخْرَجَهَا إِلَيْكُمْ، فَسَلِّمُوا عَلَيْهِ، وَ آمِنُوا بِهِ، وَ اتَّبِعُوا النُّورَ الَّذِي مَعَهُ، فَهُوَ سَيِّدُ الْأَنْبِيَاءِ، وَ وَصِيُّهُ سَيِّدُ الْأَوْصِيَاءِ، وَ هُوَ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنِّي.
فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم): اللَّهُ أَكْبَرُ، قُمْ بِنَا يَا أَخَا الْيَهُودِ، قَالَ:
فَخَرَجَ النَّبِيُّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) وَ الْمُؤْمِنُونَ حَوْلَهُ، وَ جَاءَ إِلَى ظَاهِرِ الْمَدِينَةِ، وَ أَتَى إِلَى جَبَلٍ، فَبَسَطَ الْبُرْدَةَ، وَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ خَفِيٍّ، فَإِذَا الْجَبَلُ يُصَرْصِرُ [1] صِرَاراً، عَظِيماً وَ انْشَقَّ وَ سَمِعَ النَّاسُ حَنِينَ النُّوقِ.
فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: مُدَّ يَدَكَ فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ أَنَّكَ مُحَمَّدٌ النَّبِيُّ رَسُولُ اللَّهِ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)، وَ أَنَّ جَمِيعَ مَا جِئْتَ بِهِ صِدْقٌ وَ عَدْلٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمْهِلْ لِي حَتَّى أَمْضِيَ إِلَى قَوْمِي، وَ أَجِيءَ [2] بِهِمْ لِيَقْضُوا عِدَّتَهُمْ مِنْكَ، وَ يُؤْمِنُوا بِكَ، فَمَضَى الْحِبْرُ إِلَى قَوْمِهِ، وَ أَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ، فَنَفَرُوا بِأَجْمَعِهِمْ، وَ تَجَهَّزُوا لِلْمَسِيرِ، وَ سَارُوا يَطْلُبُونَ الْمَدِينَةَ، لِيَقْضُوا عِدَّتَهُمْ فَلَمَّا دَخَلُوا الْمَدِينَةَ، وَجَدُوهَا مُظْلِمَةً مُسْوَدَّةً لِفَقْدِ رَسُولِ اللَّهِ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)، وَ قَدِ انْقَطَعَ الْوَحْيُ مِنَ السَّمَاءِ وَ قَدْ قُبِضَ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)، وَ جَلَسَ مَكَانَهُ أَبُو بَكْرٍ!! فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، وَ قَالُوا: أَنْتَ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) قَالَ: نَعَمْ قَالُوا: أَعْطِنَا عِدَّتَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) قَالَ: مَا عِدَّتُكُمْ؟ قَالُوا: أَنْتَ أَعْلَمُ بِعِدَّتِنَا إِنْ كُنْتَ خَلِيفَةً حَقّاً، وَ إِنْ كُنْتَ لَمْ تَعْلَمْ شَيْئاً لَمْ تَكُنْ خَلِيفَةً، فَكَيْفَ جَلَسْتَ مَجْلِسَ نَبِيِّكَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَ لَمْ تَكُنْ لَهُ أَهْلًا؟
قَالَ: فَقَامَ وَ قَعَدَ وَ تَحَيَّرَ فِي أَمْرِهِ فَلَمْ يَدْرِ مَا ذَا يَصْنَعُ؟ فَإِذَا بِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ قَامَ
[1] الصّرّة: أشدّ الصّياح.
[2] في نسخة: (و أجيبهم).