مَعَاشِرَ النَّاسِ، قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ قَوْماً قَالُوا: مَا بَالُ عَلِيٍّ لَمْ يُنَازِعْ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ فِي الْخِلَافَةِ كَمَا نَازَعَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرَ وَ عَائِشَةَ؟ فَمَا كُنْتُ بِعَاجِزٍ، وَ لَكِنْ لِي فِي سَبْعَةٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أُسْوَةٌ:
أَوَّلُهُمْ: نُوحٌ (عليه السلام) حَيْثُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُخْبِراً عَنْهُ:
قَالَ رَبِّ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ [1] فَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَغْلُوباً، كَفَرْتُمْ بِتَكْذِيبِكُمُ الْقُرْآنَ وَ إِنْ قُلْتُمْ: إِنَّهُ كَانَ مَغْلُوباً فَعَلِيٌّ أَعْذَرُ.
وَ الثَّانِي: إِبْرَاهِيمُ (عليه السلام) حَيْثُ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ أَدْعُوا رَبِّي [2] فَإِنْ قُلْتُمْ: اعْتَزَلَهُمْ مِنْ غَيْرِ مَكْرُوهٍ، فَقَدْ كَذَّبْتُمُ الْقُرْآنَ، وَ إِنْ قُلْتُمْ: رَأَى الْمَكْرُوهَ فَاعْتَزَلَهُمْ، فَعَلِيٌّ أَعْذَرُ.
وَ الثَّالِثُ: لُوطٌ (عليه السلام) حَيْثُ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ [3].
فَإِنْ قُلْتُمْ: كَانَ لَهُ بِهِمْ قُوَّةٌ، فَقَدْ كَذَّبْتُمُ الْقُرْآنَ، وَ إِنْ قُلْتُمْ: لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِمْ قُوَّةٌ، فَعَلِيٌّ أَعْذَرُ.
وَ الرَّابِعُ: يُوسُفُ (عليه السلام)، حَيْثُ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ [4].
فَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّهُ مَا دُعِيَ لِمَكْرُوهٍ، فَقَدْ كَذَّبْتُمُ الْقُرْآنَ وَ إِنْ قُلْتُمْ: إِنَّهُ مَا دُعِيَ لِمَكْرُوهٍ، لِمَا يُسْخِطُ اللَّهَ تَعَالَى، فَاخْتَارَ السِّجْنَ، فَعَلِيٌّ أَعْذَرُ.
وَ الْخَامِسُ: مُوسَى (عليه السلام)، حَيْثُ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
[1] القمر: 10.
[2] مريم: 48.
[3] هود: 80.
[4] يوسف: 33.