لمّا
كانت الحكومة الإسلاميّة تتطلّب وجود الولاة الأتقياء الأحرار من كافّة الأهواء
والميول النفسية وغير ذلك، أمر الإمام علي عليه السلام الذي أرسى دعائم النموذج
التامّ للحكومة الإسلاميّة- واليه مالكاً الأشتر قائلًا:
«فَامْلِك هَواكَ» وقد ذكرنا سابقا ما يتعلّق بالتقوى
وحفظ النفس و كبح جماحها، ونريد أن نتعرّف هنا على الرابطة بين ملك الهوى- الواردة
في وصيّة الإمام- والعمل الصالح.
وهل
ملك الهوى هو ذات العمل الصالح، والعمل الصالح هو ملك الهوى، أم أنّهما مفهومان
منفصلان؟ يمكننا القول بأنّ السيطرة على النفس هي إحدى مصاديق الأعمال الصالحة،
وأنّ العمل الصالح لا يقتصر على العمل باليد والرجل وسائر الأعضاء الظاهرية من جسم
الإنسان.
«فالأعمال القلبية» هي عمل أيضاً، وأفضل دليل
يمكنه تأييد صحّة هذا الاحتمال ما أورده القرآن:
وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى * فَإِنَّ
الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى [1].
فقد
بيّنت العبارة في الآية «نهى النفس» بصورة فعل، وهذا بدوره ما يفيد البُعد العملي
للنفس الإنسانية، أي أنّ الإنسان ينبغي أن ينهى نفسه عن الهوى ويمنعها من الشطط،
بغية الانطلاق نحو السموّ والتكامل.
ونخلص
على هذا الأساس إلى أنّ كبح جماح النفس والأخذ بزمامها يعدّ من