تجعل
البعض يتقدّم على البعض الآخر الذي لا يتحلّى بمثل هذه المزايا، الأمر الذي يحتّم
على الفاقد اتّباع الواجد و الخضوع له. فلو كان هناك طفل أعقل و أفضل و أرأف و
أكفأ من سائر الأطفال؛ فإنّه يلفت نظرهم إليه و يُشار له بالبنان في محلّته بما
يجعله رئيساً لهم في اللعب مثلًا. و لو كان هناك في السوق فرد ذو كفاءة و دراية، و
كان بعيداً عن الغشّ و التدليس في معاملاته و ذا أفكار تفيد الآخرين في التجارة، و
يعتمد العفو و الشجاعة و الأخذ بيد الضعفاء و إعانة الفقراء من أهل السوق، فممّا
لا شكّ فيه أنّه سيصبح قدوة للآخرين الذين يرون أنفسهم مضطرّين لاتّباعه و اقتفاء
أثره، و بالتالي سيحتلّ موقعاً يجعله مرشداً و هادياً لزملائه في العمل.
و
هكذا سائر الموارد. و تصدق هذه القضية بالنسبة للشرائط التي يرى الإسلام إيجابها
لنهوض بعض الأفراد بقيادة الامّة. و الذي نريد أن نخلص إليه هو عدم وجود القيود
المفروضة من قِبل الإسلام على إشغال هذا المنصب، بل هنالك شرائط مطلوبة يقتضي
الطبع السليم و الفطرة الطاهرة توفّرها في الإمام، فطبيعة فطرة الإنسان تقوده إلى
اختيار مثل هؤلاء الأفراد الذين يتمتّعون بهذه المزايا.
سؤال:
يمكن
أن يُطرح سؤال، و هو إذا كانت هذه الشرائط متوافرة في شخص فمن الطبيعي على
الأُمّة أن تختاره زعيماً و لا ترى لغيره مثل هذا المقام، فكيف اعتبرت- فيما مضى-
قضيّة الإمامة انتصابية، و أثبتَّ أنّ الإمامة من المناصب الإلهية المرادفة
للنبوّة و التي تتعيّن من خلال الوحي؟ فهل هناك من حاجة لهذا النصب الإلهي إذا
كانت الشرائط المذكورة متوفّرة؟ فإنّه من الطبيعي لواجد هذه الشرائط أن ينتخبه
الناس.