يصرّح
بأنّ موسى و عيسى عليهما السلام يعلمان بأنّه النبي الخاتم، و هذا ما تشهد به
سائر الكُتب السماوية، بل أبعد من هذا هو أنّ الامم الماضية- و بغضّ النظر عن
الأغراض- تعلم بوضوح كافّة خصائص آخر قائد للعالم، فلِمَ كانت هذه الدعوة من
إبراهيم و إسماعيل؟ الجواب على هذا السؤال هو ما أوردناه سابقاً من أنّ إبراهيم و
إسماعيل عليهما السلام سألا الله أن يبعث نبياً من ذريّتهما، و أن يقوم هذا
المبعوث بتربية و تزكية طائفة ليبلغ بها السموّ و الكمال الذي يؤهّلها لزعامة
الأُمّة الإسلامية، و عليه فقد بلورا و أسَّسا مبدأ الإمامة، و سألا تحقيق و تفعيل
هذا المبدأ الحيوي من أجل الزعامة الإسلاميّة. و بناءً على ما تقدّم لم يكن هناك
ما يستدعي لأن يكون هذا المبعوث لطائفة معيّنة، بل كان ذلك يستدعي أن يكون مبعوثاً
للعالم كافّة، يكون من ذريّتهما، و أن يعدّ طائفة معيّنة من تلك الذرّية لبعض
الأهداف و الغايات العليا السامية. و بعبارة اخرى: فإنّ الدعوة كانت لجعل النبوّة
و الإمامة في ذريّة بني هاشم، و هي في ذات الوقت تفيد كون النبوّة و الإمامة زعامة
عالمية إلى الأبد. جدير بالذكر أنّ دعوة إبراهيم عليه السلام ليست جديدة، فقد سأل
اللَّه بشأن منصب الإمامة في ذريّته لما استكمل شرائط الإمامة و بشّره سبحانه: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً،
فردّ اللَّه سبحانه هذا المنصب عمّن لا يستحقّه من تلك الذريّة لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ[1]. حيث استثنى سبحانه الظلمة من النهوض بهذه المسئولية العظيمة.
حديث
مع صاحب تفسير المنار:
أعتقد
أنّ صاحب «تفسير المنار» قد التفت إلى ذلك الأمر المهمّ في الآيات