المقرّرات
و الضوابط الإسلامية- كما كان الإمام عالماً بشهادته، و هذا العلم يمنعنا من القول
بأنّ إرادة الإمام عليه السلام الحقيقية كانت الدعوة إلى المصالحة. و بناءً على
هذا فإنّ طرح الاقتراح بهذه الجديّة لم يكن وارداً، فلا يمكن للإمام عليه السلام
أن يُطالب جدّياً بإخلاء سبيله، و لعلّ مراده هدف أسمى من ذلك، كأن يُفهم العالم
أنّنا لسنا طلّاب حرب، و أنّنا حريصون على الصلح و السلام إلى أبعد الحدود و هذا
ما أبلغنا به الامّة، إلّا أنّ دعوتنا لم تلق آذاناً صاغية، و حتّى لا ينبري أحد
ليقول: لِمَ ألقى الإمام بنفسه في التهلكة؟ ليس للإمام من عداء لأحد من أبناء
الامّة و قد حلّ عليها ضيفاً بعد أن دعته، رغم علمه بعاقبة هذه الضيافة التي ستكون
مائدتها رءوس يطاح بها و دم عزيز يُسفك، فهذا ما أوصاه به جدّه و أبوه من إجابة
دعوة الناس. إذن، فالهدف الرئيسي للإمام عليه السلام هو إعلان الصلح و السلام و
إماطة اللثام عن نيّات السوء التي يبيّتها يزيد و مردة الكوفة، و إلّا فالحسين
عليه السلام كان يعلم بأنّ جيش عبيد اللَّه بن زياد كان مسلوب الإرادة، و حتّى لو
افترض لهم ثمّة إرادة، مع ذلك كانوا من المردة و الغدرة الفجرة الذين هبّوا لضيافة
ابن بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بتلك الطريقة اللئيمة، كان الإمام عليه
السلام عالماً بأنّ تربة كربلاء ستشهد ذلك النزيف الدموي الطاهر، و عليه: فاقتراح
الإمام لم يكن سوى تعبيراً عن حبّه و حرصه على الإنسانيّة، و بيان ذلّة و دناءة
جيش ابن زياد، و إتمام الحجّة على مَن شهد فصول ذلك المشهد الدامي في صحراء
كربلاء.
ثورة
الإمام عليه السلام ليست دفاعاً عن النفس
قيل:
إنّ الهدف الذي يحظى باهتمام الإمام بالدرجة الثانية هو الصلح، و حيث فشل الصلح
فيأتي دور الاستسلام و وضع اليد بيد يزيد و ... و رفض من قبل