يزيد
قد وجّه هذه الضربة للإسلام، فهل يمكن نسبة قتل الإمام لنفسه؟ حتّى نتّهم يزيد في
مقام تبرئتنا للإمام، و عليه: فقصدك من قتل الإمام شهادته و أنّ تلك الشهادة كانت
بضرر الإسلام، حيث قلت: يزيد هو الذي أضرّ بالإسلام. و الشاهد الآخر ما ذكرته في
قولك: «لا نفهم ما يُقال من أنّ الإسلام قد استعاد حياته بقتل الحسين عليه
السلام»؛ لأنّك لم تفترض الضرر من أجل نفس القتل، بل من أجل القتل و حادثة كربلاء،
و هذا ما صرّحت به في ص 383 حين قلت: «لا يسعنا أن ندرك هذا الأمر، فكيف للإسلام
بالاستقرار و التماسك في فقدانه لزعيمه و ناصره». فالتعبير كان بالفقدان، و
الفقدان غير القتل، و على هذا الضوء فقد ألغيت فريضة الجهاد بالكامل؛ لأنّ المعركة
لا تستتبع دسومة، و غالباً ما يؤدّي الجهاد إلى إزهاق أرواح القادة الصلحاء، أو
ليس فقدان مثل هؤلاء القادة يضرّ بالإسلام؟ فَلِمَ الجهاد؟ و لعلّ هناك من يقول في
الجواب: إنّ فقدان مثل هؤلاء القادة هو دفاع عن الإسلام و هذا الدفاع مفيد. نعم،
قد نقول في الجواب: إنّ الهدف هو الدفاع، و لكنّه يتطلّب التضحية فلا يتحقّق إلّا
في فقدان الزعماء الصلحاء، الدفاع هو الذي يروي شجرة الإسلام و يبقي على حياتها،
و عليه: فالإسلام يمكن أن يستعيد حياته بقتل الإمام الحسين عليه السلام، و هذا ليس
بممتنع، لنتساءل لاحقاً هل تحقّق هذا الإمكان؟ نعم لقد تحقّق هذا الأمر، شريطة أن
لا يقتصر بالنظر على عصر حكومة بني أُميّة و بني العباس، فالحادثة- و كما سنتطرّق
إليها لاحقاً- قد انطوت منذ يومها الأوّل على آثار قيّمة و فوائد جمّة. 5- قال في
ص 393- 394 تحت عنوان ذلّة الامّة: «و هنا لا بدّ من القول بأنّ الامّة الإسلامية
بعد قتل الحسين عليه السلام أصبحت أكثر ذلّة و خضوعاً تجاه