زعامة
الامّة إنّما تفوّض إلى الصالحين من الأفراد ممّن تتوفّر فيهم شرائطها، من قبيل
العلم و القدرة و ... و أنّ اللَّه هو الذي زوّد الملك بتلك القدرة العلمية، حيث
صرّحت الآية قائلة: وَ قَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَ
آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَ الْحِكْمَةَ وَ عَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ. و لعلّ فاعل «يشاء» ضمير يعود إلى داود، أي أنّ اللَّه آتى داود
كلّ ما شاء من العلم. و ربّما عاد الضمير إلى «اللَّه» أي أنّ علم داود من
اللَّه، و قد أفاض اللَّه ما شاء من العلم على داود. على كلّ حال فالمعنى
المستفاد هو أنّ زعيم البلاد- الملك- ينبغي أن يكون عالماً بالمغيّبات محيطاً
بالمكنونات، و أنّ زعامته لا تستند إلى الطرق و الجهود المتعارفة في الحصول على
العلم، بل وسيلته فيها إفاضات الحقّ سبحانه في الوقوف على الأسرار، سواء كان هذا
الزعيم داود، أو أيّ فرد آخر ينصّبه اللَّه.
الآية
الرابعة:
وَ
جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ
الْخَيْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِيتاءَ الزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ[1]. ترى الآية أنّ الإمامة منصب إلهي،
كما تدلّ على أنّ الإمام يتولّى الأمر بالاستمداد الغيبي، و الذي تفيده هذه
الدلالة استناد الإمام في زعامته إلى العلم الغيبي. و بناءً على هذا فللأئمّة
الأطهار عليهم السلام مثل هذا الامتياز؛ لأنّهم مصطفون من قبل اللَّه، غاية ما في
الأمر أن لا سبيل إلى الوحي، و أمّا سائر السبل فمفتوحة.
ثمرة
هذا البحث القرآني:
لقد
أصبح الأمر جليّاً بأنّ أئمّة الإسلام إنّما يستندون إلى الغيب في زعامتهم