إلى
تأريخ الإنسان منذ ظهوره حتّى انقراضه، كما خاضتا بصورة مقتضبة في زعامة البشرية و
أبطالها من الصفوة الذين حازوا شرائطها حتّى تزعّم كلّ واحد منهم عالمه المعاصر،
حيث ابتدأت هذه الزعامة بآدم عليه السلام و اختتمت بآل إبراهيم عليه السلام. و قد
كانت خلاصة آل إبراهيم قد تمثّلت بالإمامة الإسلامية التأريخية لرسول اللَّه صلى
الله عليه و آله الذي اختتمت به النبوّة، و قد كان الهدف الأصيل لإبراهيم عليه
السلام و استمرار دعوته قد تمثّل بظهور الصفوة من آل محمّد صلى الله عليه و آله،
حيث لم تختتم الزعامة بالنبي صلى الله عليه و آله من آل إبراهيم، بل استمرّت في
عقبة من بعده من أهل بيت النبوّة الذين عيّنوا من قِبل اللَّه لمواصلة خطّ النبي
صلى الله عليه و آله، و لم يكن هؤلاء سوى الأئمّة الهداة عليهم السلام، و لا يمثّل
هذا الكلام استظهاراً للآيتين الكريمتين، بل هذا ما عهده الرسول الأكرم صلى الله
عليه و آله لعلي عليه السلام، إذ قال له: أنتم صفوة اللَّه من آدم و نوح و آل
إبراهيم ... الذين خصّكم اللَّه بالآية إِنَّ اللَّهَ
اصْطَفى. و عليه فزعماء المسلمين بعد النبي صلى الله عليه و آله هم الأئمّة
الأطهار عليهم السلام، و حيث كانوا الصفوة المختارة على مدى التأريخ، كان لا بدّ
من القول أنّهم مطهّرون مبرّءون من كلّ عيب و دنس، و هم في مستوى الأنبياء في
الإخلاص و الإحاطة بالغيب، بل لمّا كانوا استمراراً لهدف إبراهيم و زعماء الأُمّة
إلى الأبد. ينبغي الإذعان بأنّهم الأعلم و الأقدر من سائر الزعامات على مرّ
العصور، و هم الجديرون بتطبيق المبادئ الحقّة لرسالة النبي الأكرم صلى الله عليه و
آله. و على ضوء ما تقدّم فقد اتّضحت شرائط الإمامة و صفاتها العالية، و أنّ
الأئمّة عليهم السلام هم خُلّص عباد اللَّه العالمون بأسرار الدنيا و الآخرة،
البعيدون عن كلّ عيب و نقص، و المتّصفون بالزهد و الورع و التقوى و العلم و
الشجاعة و السماحة،