ثمّ
إنّه بعد الفراغ عن كونها مسألة اصولية يقع الكلام في أنّها اصولية عقلية أو
لفظية؟
و
التحقيق أن يقال بابتناء ذلك على كون الدلالة الالتزامية من الدلالات اللفظية،
نظير المطابقة و التضمّن، و عدمه، كما هو الحقّ، فإن قلنا بالأوّل، تكون مسألة
اصولية لفظية، و لعلّه الوجه في ذكر المسألة في مباحث الألفاظ.
و
إن قلنا بالثاني، تكون عقليةً و يمكن أن يقال بكون المقام مسألة اصولية عقلية و إن
قلنا بكون الدلالة الالتزامية من الدلالات اللفظية.
توضيحه:
أنّ عدّ الدلالة الالتزامية من الدلالات اللفظية إنّما هو فيما إذا كان الملزوم هو
المدلول المطابقي للّفظ، فهو يدلّ أوّلًا عليه، و بتوسيطه يدلّ على المعنى اللازم
لمدلوله المطابقي، و هنا ليس كذلك؛ لأنّ النزاع في ثبوت الملازمة بين الإرادة
المتعلّقة بالبعث إلى ذي المقدّمة و بين الإرادة المتعلّقة بالبعث إلى المقدّمة،
فالتلازم على فرض ثبوته إنّما هو بين الإرادتين، و من المعلوم أنّه لا تكون
إحداهما مدلولًا مطابقيّاً للّفظ حتى يدلّ اللّفظ بتوسيطه على الآخر، بل مفاد
اللّفظ هو البعث المتعلّق بذي المقدّمة، و هو و إن كان كاشفاً عن ثبوت الإرادة
القبلية إلّا أنّ ذلك ليس من باب الدلالة اللفظية عليه، بل من باب أنّ الفعل
الاختياري كاشف عن ثبوت الإرادة المتعلّقة به قبله.
و
بالجملة: فلم يكن أحد المتلازمين مدلولًا مطابقياً للّفظ أصلًا، بل كلاهما
خارجان عن معناه الموضوع له، و حينئذٍ فليس إلى ادّعاء الدلالة اللفظية في المقام
سبيل أصلًا، كما هو واضح لا يخفى.