لا
يخفى، كما أنّ منه الحديد، لامتناعه و صلابته. و يقال للبوَّاب: حدّاد، لمنعه
الناس. كما أنّ منه الحدّ الشرعي، لكونه كما في المسالك و غيرها ذريعة إلى منع
الناس عن فعل معصية خشية من وقوعه، أو لعدم جواز التعدّي عنه، و ممنوعيّة الزيادة
و النقيصة كما ربما يحتمل، و يؤيّده إطلاق الحدّ في مثل الوجه في باب الوضوء، و في
مثل الكرّ، فتدبّر.
ثمّ
إنّه فسّر الحدّ شرعاً بأنّه عقوبة خاصّة تتعلّق بإيلام البدن بواسطة تلبّس
المكلّف بمعصية خاصّة عيّن الشارع كميَّتها في جميع أفراده، و التعزير كذلك بأنّه
عقوبة أو إهانة لا تقدير لها بأصل الشرع
[1]، أو مع إضافة قيد الغلبة.
و
قد ذكر المحقق في الشرائع في مقام بيان الضابطة للحدّ و التعزير: أنّ كلّ ماله
عقوبة مقدّرة يسمّى حدّا، و ما ليس كذلك يسمّى تعزيراً
[2].
و
المسامحة فيه واضحة، لأنّ المراد من «ما» الموصول هو مثل شرب الخمر و الزنا و
الأمور الموجبة للتعزير، مع أنّ الحدّ و التعزير عبارة عن العقوبة المترتّبة عليه،
كما لا يخفى.
و
أورد على هذه الضابطة، الشهيد الثاني (قدّس سرّه) في المسالك بقوله: تقدير الحدّ
شرعاً واقع في جميع أفراده، كما أشرنا إليه سابقاً. و أمّا التعزير فالأصل فيه عدم
التقدير، و الأغلب من أفراده كذلك، و لكن قد وردت الروايات بتقدير بعض أفراده، و
ذلك في خمسة مواضع: الأوّل: تعزير المجامع زوجته في نهار رمضان، مقدّر بخمسة و
عشرين سوطاً. الثاني: من تزوّج أمة على حرّة و دخل بها قبل الإذن، ضرب