[الثاني: لا يجوز للقاضي أن يلقّن أحد الخصمين
شيئاً يستظهر به على خصمه]
الثاني:
لا يجوز للقاضي أن يلقّن أحد الخصمين شيئاً يستظهر به على خصمه كأن يدّعي بنحو
الاحتمال، فيلقنه أن يدّعي جزماً حتى تُسمع دعواه أو يدّعي أداء الأمانة أو الدين،
فيلقّنه الإنكار، و كذا لا يجوز أن يعلّمه كيفيّة الاحتجاج و طريق الغلبة، هذا إذا
لم يعلم أنّ الحقّ معه، و إلّا جاز كما جاز له الحكم بعلمه، و أمّا غير القاضي
فيجوز له ذلك مع علمه بصحّة دعواه، و لا يجوز مع علمه بعدمها، و مع جهله فالأحوط
التّرك (1).
(1) إن قلنا بوجوب التسوية في الأمر الأوّل،
فعدم الجواز في هذا الأمر الثاني يكون بطريق أولى، فإنّه إذا لم يجز للقاضي النظر
بغير المساوي إلى الخصمين، فعدم جواز التلقين المذكور في المتن إنّما يكون بنحو
الأولويّة. و أمّا إذا قلنا في الأمر الأوّل: بعدم الوجوب؛ لأنّه لا دليل عليه كما
اخترناه فيه، فيشكل الأمر في عدم الجواز الشرعي في هذه الصّورة خصوصاً بعد عدم
رواية و لا نصّ عليه، كما يستفاد من تعليل المحقّق (قدّس سرّه) في الشرائع، حيث
إنّه علّله بأنّ ذلك يفتح باب المنازعة و قد نصب لسدّها
[1]، و يرد عليه أنّه إن لم يكن إجماع، ما الدليل على حرمة ذلك، خصوصاً
بعد انتهاء القضيّة إلى حكم القاضي الرافع للتنازع و الخصومة، و خصوصاً بعد إمكان
اندراجه في تعليم محاورات الشرع؟
هذا
كلّه مع عدم علم القاضي بالواقعة، و أنّ الحقّ مع الذي يلقّنه، و إلّا فكما يجوز
للحاكم الحكم بعلمه كما عرفت في بعض المسائل المتقدّمة
[2]، من دون فرق