[مسألة 3: الظاهر أنّ إنفاذ حكم الحاكم أجنبي عن
حكم الحاكم الثاني في الواقعة]
مسألة
3: الظاهر أنّ إنفاذ حكم الحاكم أجنبي عن حكم الحاكم الثاني في الواقعة؛ لأنّ قطع
الخصومة حصل بحكم الأوّل، و إنّما أنفذه و أمضاه الحاكم الآخر ليجريه الولاة و
الأُمراء، و لا أثر له بحسب الواقعة، فإنّ إنفاذه و عدم إنفاذه بعد تمامية موازين
القضاء في الأوّل سواء، و ليس له الحكم في الواقعة؛ لعدم علمه و عدم تحقّق موازين
القضاء عنده (1).
(1) قد عرفت في ذيل المسألة الثانية المتقدّمة
أنّ القضاء التنفيذي نوع من القضاء و قسم منه، و قد عرفت أنّ المحقّق في الشرائع
عبّر بالقضاء به أي بالقول مشافهة، كما أنّك عرفت وجه الاحتياج و الافتقار إليه، و
موضوعه القضاء الأوّل بعد تماميّة موازين القضاء عند القاضي الأوّل الحاكم في نفس
الواقعة بخصوصياتها، و عليه فالتعبير بمغايرة الإنفاذ عن حكم الحاكم الثاني لا
يكون في محلّه، و عدم كونه حكماً لأجل عدم العلم بالواقعة، و عدم تحقق موازين
القضاء عند الحاكم الثاني لا يلائم إلّا مع عدم كونه حكماً في الواقعة مستقيماً، و
أمّا عدم كونه حكماً و إنشاءً مطابقاً لإنشاء الأوّل فلا، و عليه فالمغايرة إنّما
هي باعتبار كونه حكماً في الواقعة لا باعتبار أصل الحكم و إنشائه.
و
بالجملة: فالدقّة في العبارة تعطي أنّ الماتن (قدّس سرّه) إنّما هو في مقام بيان
أنّ الحكم الثاني لا يكون حكماً في الواقعة بحيث يترتّب عليه فصل الخصومة، و أمّا
أصل كونه حكماً إنشائياً فلا يكون المتن بصدد نفيه، و إن كان ربّما يوهمه في بادئ
النظر، كما لا يخفى.
و
الإنصاف أنّ القولَ بعدم كونه حكماً ناشئٌ عن عدم الدقّة و التدبّر في كلمات القوم
و عباراتهم، و عن تخيّل كون فصل الخصومة و رفع التنازع قد حصل بحكم