المتفاهم
منهما عرفا، مدخلية نفس المجاورة المذكورة في تبدل الفرض و انتقال الحكم، و لو كان
تحقق الاستطاعة بعد السنتين دخيلا، لكان مدخلية المجاورة المذكورة انّما هو بنحو
الجزئية و بعض المؤثر، و هو خلاف ظاهر الروايتين جدّا.
فالإنصاف:
ثبوت الإطلاق لهما، كما اعترف به صاحب الحدائق على ما تقدّمت الإشارة إليه في صدر
المسألة و قد مرّ: انه لا مجال للتمسك بالاستصحاب أيضا.
نعم،
لو وصلت النوبة إلى الترديد و الإجمال في الروايتين، لكان اللازم الاقتصار على
القدر المتيقن، و هو ما لو حصلت الاستطاعة بعد السنتين، لعدم الفرق في لزوم الاقتصار
على المتيقن بين كون لسان الدليل بنحو التخصيص أو بنحو الحكومة، كما لا يخفى. و
على ما ذكرنا، فلا فرق بين الصورتين في هذا الأمر. هذا تمام الكلام في المقام
الأوّل.
المقام
الثاني: في المكيّ إذا صار مقيما في سائر الأمصار بالمقدار المذكور في
المقام الأوّل، و هي تمامية سنتين و الدخول في الثالثة: و الظاهر انه لم ينهض دليل
على التبدل و الانقلاب فيه بوجه، و لا دلالة لأدلة الانقلاب في ذلك المقام، على
انّ المجاورة بالمقدار المذكور موجبة له مطلقا، سواء كانت لغير المكي في مكة أو
العكس، كما إذا جاور المكي المدينة- مثلا-، بل لو لا ظهور كلمات الأصحاب و صراحة
كلام صاحب الجواهر في: انّ المراد بمكة في الروايتين ما هو داخل الحدّ مطلقا، لكان
يحتمل ان يكون الحكم من خصائص نفس تلك البلدة المقدسة، و لا يشمل غيرها، المشترك
معها في الفرض.
و
كيف كان، لم يقم دليل على ان المجاورة في المدينة- مثلا- موجبة للانقلاب و تبدل
الفرض. نعم، قد تقدم البحث في المكّي الذي خرج الى بعض الأمصار