الصحيحتين
المتقدمتين، الدالتين على الانقلاب بعد اقامة سنتين، و ملاحظة ما يدل على اعتبار
استطاعة الرجوع في الاستطاعة، التي يترتب عليها وجوب الحج، كاعتبار استطاعة
الذهاب.
امّا
الأوّل: فالظاهر ان صحيحة زرارة لا دلالة لها على عموم التنزيل، و كون
المجاور من أهل مكة من جميع الجهات، حتى الاستطاعة الرجوعية، و ذلك لان ذكر قوله:
لا متعة له، عقيب قوله: فهو من أهل مكة. من دون الفصل بالواو أو الفاء، يدل على ان
قوله: لا متعة له، تفسير و بيان لقوله: فهو من أهل مكة.
و
عليه، فلا دلالة له على أزيد من كون الأهلية التعبدية انما تكون مرتبطة بعدم ثبوت
المتعة له، و امّا من جهة الاستطاعة، فلا يكون له اقتضاء أصلا.
و
امّا الصحيحة الثانية فلا يبعد دعوى عموم التنزيل فيها، و ان قوله: و ليس له ان
يتمتع. جملة مستقلة متعرضة لبعض مفاد الجملة الاولى، و هو كون المجاورة موجبة
لصيرورته قاطنا، و ان كان يجري فيها احتمال كون الثانية بيانا للأولى و مفسرة لها،
لكنه خلاف الظاهر.
و
امّا الثاني: فقد عرفت: ان العمدة في الدليل المذكور هو حكم العرف بان مرجع
القدرة على السفر الى البلد الكذائي، كالسفر الى مشهد الرضا عليه آلاف التحية و
الثناء، إلى القدرة عليه ذهابا و إيابا، و ثبوت الاستطاعة بالإضافة إلى الجهتين. و
من المعلوم ان ذلك انّما هو فيما إذا كان الرجوع الى البلد مرتبطا بالحج و مضافا
اليه، و امّا إذا لم يكن كذلك، كما في المقام، حيث ان الرجوع انّما هو لأجل
المجاورة التي اختارها في مدة معيّنة، و لو لم يكن مستطيعا و لم يأت بمناسك الحج و
أفعاله، لكان يرجع الى بلده. ففي هذه الصورة لا دليل على جزئية استطاعة الرجوع و
شرطيتها في الوجوب، بعد عدم ارتباط الرجوع بالحج أصلا.
و
هذا هو الظاهر، و لازم ما ذكرنا عدم الاعتبار قبل الانقلاب أيضا، لعين