مع
انه على هذا التقدير يكون الدليل أخص من المدعى، لأنّه قد يتحقق الوثوق بالصدور لا
من جهة التكليف، بل من بعض الجهات الروحية و الأخلاقية.
و
العمدة في الاستدلال، بعد ثبوت مقدمة، و هي عدم شمول أدلة الاستنابة في الحج
للصبي، و لو بالإطلاق، و عدم ثبوت الانصراف الى البالغ، على تقدير الإطلاق: ان
مرجع صحة الاستنابة الى أجزاء العمل الصادر من النائب عن المنوب عنه و مدخليته في
براءة ذمته بعد ثبوت الاشتغال لها، و هذا يحتاج الى نهوض دليل عليه، و بدونه- كما
هو المفروض- يكون مقتضى الأصول بقاء الاشتغال، و عدم حصول الفراغ للمنوب عنه بسبب
فعل النائب. و قد عرفت: انه لا ملازمة بين صحة النيابة و صحة الاستنابة، و عليه،
فما في أكثر الكتب- سيّما شروح العروة- من الاستدلال بأدلة صحة النيابة، لا يثبت
المطلوب، فان شمول أدلة المستحبات للصبي، بناء على القول بشرعية عبادات الصبي، و
منها: أدلة استحباب النيابة، لا يقتضي جواز استنابته أيضا، بل لا بدّ في ذلك من
مراعاة أدلة الاستنابة و ملاحظتها، فنقول:
منها
ما ورد في استنابة الحيّ، الذي استقر عليه حجة الإسلام و لا يقدر على الإتيان به
بالمباشرة، لهرم أو مرض لا يرجى زواله، من انه يجهّز رجلا ليحجّ مكانه، فان
التعبير بالرجل، و ان كان يحتمل فيه إلغاء الخصوصية، مثل ما ورد في أدلة الشكوك في
الصلاة، من قوله: رجل شك بين الثلاث و الأربع مثلا، الّا انه لا مجال لدعوى إلغاء
الخصوصية في المقام بعد كون أصل الحكم على خلاف القاعدة، و كذا يحتمل ان يكون في
مقابل المرأة فقط، فيدل على عدم جواز استنابة المرأة في ذلك، إلّا ان الظاهر
مدخلية هذا العنوان، و هو كما لا يصدق على المرأة